تعيش عضوات جمعية النهضة هذه الأيام شعورا تلاحميا جميلا يزداد دفئا ومودة كلما اقترب موعد حفل تدشين مركز يتيم للإرشاد الأسري بمدينة حمد. جمعية النهضة... هذه الجمعية الرائدة التي بزغت عبرها بدايات العمل التطوعي في البحرين والخليج والجزيرة العربية منذ الخمسينات في ريادة غير مسبوقة للعمل النسائي المنظم، وهي بذلك وبلا شك قادت ولا تزال عبر كوادرها النسائية أفكار التغيير، نحو العدالة الاجتماعية المنشودة أو على الأقل جزءا منها. قد لا يعي البعض أهمية مثل هذه القيادة وأهمية أن تكون لمؤسسة نسائية تطوعية رؤية متقدمة لإنصاف المرأة واستقرار الأسرة ولكنه أو غيره حتما يقطفون اليوم ثمار ديمومتها بطريقة أو أخرى... النهضة بظهورها الرائد في زمن السكون والتنميط الاجتماعي مهدت الطريق الصعب للتفكير في أدوار وقضايا المرأة وفي أدوارها الوطنية لمساعدة الوطن. في المراحل الأولى كان الانخراط في تلبية نداء الوطن في الكوارث الصحية، وفي مكافحة الأمية التعليمية و الغذائية والصحية وفتح الفصول المجانية والتطوع بالتدريس والإشراف على مراكز محو الأمية في العديد من المدن والقرى. واتسع الدور نحو إصدار الدراسات الميدانية والبحوث المتخصصة والترافع في الملفات الحقوقية الساخنة للمرأة كحق الموظفات في الحصول على ساعة الرضاعة دون تكذيب أو اهانة، وحقوق الزوجات والمطلقات خلال وبعد انحلال العلاقة الزوجية. ولسنا هنا بصدد استعراض التاريخ المشرف للنهضة فهو معروف وان كان بتفاوت بين الناس . في مناسبات كهذه ، يكون التوقف عند الملفات والمحطات الرئيسية هو الأهم. ولعل أهم تلك المحطات محطة تأسيس لجنة الأحوال الشخصية في الثمانينات للمدافعة عن إصدار قانون منصف ومتقدم للأحوال الشخصية مع باقي الجمعيات آنذاك، أوال والرعاية. ثم كانت محطة التحول النوعي في الخدمات العملية المقدمة للمرأة عبر تأسيس مكتب الاستشارات والعلاقات الأسرية في مارس/آذار 1998 في مجالات الإرشاد الاجتماعي والنفسي والقانوني. محطات أخرى هامة هي رعاية تشكيل الهيئة الأهلية لتفعيل اتفاقية سيداو وتنظيم مؤتمر المرأة الخليجية والألفية الثالثة في مارس2000.
اليوم كثرت الجمعيات النسائية والتئم شملها تحت مظلة الاتحاد، وبدون شك فإن لبداية جمعية النهضة في الخمسينيات فضل على هذه النتيجة، فلولا البدايات لما نضجت التداعيات. وتأخذ فترة التكيف وتوزيع الأدوار بين الجمعيات وإدارة الاتحاد وكوادر العمل النسائي داخل وخارج لجان الاتحاد زمنا أطول، ولكن يبقى القول أنه من المهم أن تمتلك حركة التغيير رؤية جماعية وروح جماعية وهم وحماس حقيقيين للقضية وتوظيف صحيح للقدرات، وقدرة على العمل مع الشركاء.
مركز يتيم للإرشاد الأسري الذي سيدشن قريبا تطور من فكرة صغيرة وأنشطة بسيطة كالتمثيليات والحفلات الخيرية التي كانت تقام في بساتين المرحومة السيدة عائشه يتيم وتحت رعايتها الجمة، ولكن انظروا كيف تطورت الفكرة إلى تقديم خدمة حقيقية، ربما بل بالتأكيد، ستقود لأفكار أكبر ومشروعات أشمل. هل فكر حقا من يستخف اليوم بعمل جمعية صادقة ما أو بعمل مجموعة ما ملتزمة بمبادئ الخير والحق، كم يستغرق من الوقت بناء فكرة وتحقيق تغيير في ذهنية المجتمع. ألم يكن التعليم محروما على البنات، ألم تكن المحاكم بعبعا والمطلقة عارا. هل كانت مثل هذه التنميطات لتختفي أو حتى تضعف من جراء نفسها وبدون تعاضد المؤمنين بالتغيير وتضحياتهم نحو تحقيق العدالة.
الجمعيات المخلصة ليست دكاكين والمضحون ليسوا باعة
إن العمل المضني لهذه الجمعية أو تلك وان كان يمر بأزمات بين فترة وأخرى ليس كبيع سلعة في دكان كما يتصور ويبسط البعض ، فالعمل المخلص المضني في البنى المجتمعية التحتية الصلبة بعيدا عن نرجسيات وسائل الإعلام والفضائيات ورغبات الشهرة اللاهبة ليس علبا تباع في دكاكين، وليس جزاء المخلصين تحمل ذنوب الآخرين ، الذين قد تحركهم الدوافع والرغبات الخاصة ، فهؤلاء موجودون في كل المجالات ومع مرور الزمن سينكشف أمرهم وقلة اكتراثهم .. وسواء اختلف أو توافق المحللون والمحللات على أهمية تذكر يوم المرأة أو على أولوية ملفات العمل النسائي ، يبقى أن من يعمل ويضيء شمعة في طريق حالك السواد أفضل ألف مرة من من يلعن الظلام .. هنيئا لعضوات النهضة، وكافة الجمعيات النسائية والاتحاد، افتتاح مركز عائشة يتيم للإرشاد الأسري وهنيئا للمرأة البحرينية، ونحو المزيد من الانجازات للنهوض بالمرأة .
إقرأ أيضا لـ "فريدة غلام إسماعيل"العدد 1651 - الأربعاء 14 مارس 2007م الموافق 24 صفر 1428هـ