العدد 1651 - الأربعاء 14 مارس 2007م الموافق 24 صفر 1428هـ

فقراء أميركا 3/3

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يبدو أن للأصول العرقية دخلا في هذا التمييز الاجتماعي، فتحت عنوان «المأساة بالأسود والأبيض» قال المعلق بول غرومان في صحيفة «نيويورك تايمز» إن لون البشرة هو ما يجعل أميركا تعامل فقراءها بطريقة أقسى من أية دولة متقدمة أخرى.

ولربما لم يعد في وسع الاقتصاد الأميركي أن يتصدى للمشكلات الملمة به، فواقع الحال يقول إن القطاع الإنتاجي في الولايات المتحدة قد تقلص إلى حد مخيف حتى أن قطاع الخدمات أصبح يستوعب 80 في المئة من اليد العاملة! في حين أن قطاع الخدمات أوجد أصلا لخدمة القطاعات الإنتاجية. وانتقلت معظم النشاطات الصناعية إلى خارج الولايات المتحدة ولم تعد أميركا هي المنتج الأول في العالم للسلع الصناعية. وهناك شركات معروفة ورائدة في مجالاتها تم بيعها للأجانب... مثل شركة آموكو وكرايزلر. أما أى.بى.إم فقد باعت وحدة إنتاج أقراصها الصلبة إلى شركة يابانية.

وتدنت حصة الولايات المتحدة من الصادرات الصناعية في العالم من 5.13 في المئة في العام 2001 إلى 11 في المئة في العام 2002 وهذا الانهيار الصناعي وراء لجوء أميركا لسياسة الحماية الجمركية بالمخالفة لاتفاق التجارة العالمية وهو ما يثير المشكلات مع أوروبا كما حدث في قطاعات الحديد والصلب والسكر. وقد أشرت في مقال سابق إلى انهيار صناعات التلفزيون والنسيج والأثاث.

وقد أدى هذا التراجع الإنتاجي إلى عجز في الميزان التجاري بصورة متزايدة من 100 مليار العام 1989 إلى 500 مليار العام 2002 ويطال هذا العجز كل قطاعات الإنتاج.

حتى الفائض الذي كانت الولايات المتحدة الأميركية تتمتع به في ميدان التكنولوجيا الدقيقة وكان يوازى 35 مليارا العام 1990 تحول اليوم إلى عجز! والمنافسة بين أريان وصواريخ (الناسا) بين (الأيرباص) و(بوينج) تشهد على هشاشة الأفضلية الأميركية.

ولا تتمتع الولايات المتحدة بمزايا مقارنة مستقرة إلا في قطاع التسلح وتحديدا ؛لأن هذا القطاع يتفلت من قواعد السوق ويتمتع بدعم الدولة.

وأدى عجز الميزان التجاري إلى عجز في الموازنة العامة بنفس الرقم تقريبا (500 مليار دولار) بينما تصل النفقات الحربية الفعلية إلى 754 مليار دولار في العام 2004.

وأدت هذه التفاعلات إلى انخفاض سعر الدولار وهو ما انعكس سلبا على تدفق رؤوس الأموال على الولايات المتحدة، وبالفعل انخفضت قيمة الاستثمار الأجنبي المباشر من 300 مليار دولار في العام 2000 إلى 23 مليارا فقط العام 2002.

وقد تآكلت القدرة التنافسية للولايات المتحدة حتى أنه بعد سقوط الإتحاد السوفياتى، فإن أوروبا هي التي أخذت نصيب الأسد في التجارة مع روسيا (37 في المئة مقابل 5 في المئة لأميركا) كذلك تفوقت عليها ألمانيا والاتحاد الأوروبى في مجال الاستثمار في روسيا.

المهم في نهاية المطاف أن كل هذه العوامل أدت إلى تراكم الديون على كل من الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات والشركات والعائلات. وقد تجاوزت نسبة الدين من رأس مال الشركات الخط الأحمر وبلغت 2.90 في المئة فى الفترة (1991 - 2000) أي أن معظم رأس مال الشركات تآكل بسبب الدين المتراكم. أما مدخرات العائلات فهي شبه معدومة إذ بلغت نسبة الدين من دخل العائلات 95، 6 في المئة في الفترة نفسها.

أما دين الدولة الاتحادية فقد تجاوز 6 تريليون (2.6 ألف مليار دولار) ويفيد المراقب المالي العام للولايات المتحدة أن القيمة الحقيقية للدين العام هي 30 ألف مليار دولار إذا أخذ بعين الاعتبار التزامات الضمان الاجتماعي والصحي مثلا.

وحتى على مستوى الأصول فمنذ العام 1985 أصبحت أميركا دولة مدينة تجاه العالم أي أن الأصول التي تملكها في الخارج هي والشركات والأفراد أصبحت أقل من الأصول التي يملكها الأجانب في الولايات المتحدة. فدين الولايات المتحدة للخارج تجاوز 6.1 ألف مليار دولار 2001 أي ما يوازي 16 في المئة من الناتج القومي.

البعض يحاول أن يفسر الكثير من الحروب الخارجية التي شنتها أو افتعلتها الإدارة الأميركية، كانت بمثابة المسكنات لتلك المشكلات الاقتصادية فهل تنجح سياسة المسكنات أم تفاجئنا واشنطن بسياسات عالمية جديدة؟

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1651 - الأربعاء 14 مارس 2007م الموافق 24 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً