العدد 1651 - الأربعاء 14 مارس 2007م الموافق 24 صفر 1428هـ

الإمارات و«مجنون ليلى»

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

السجال الدائر حاليا حول فعاليات ربيع الثقافة ولاسيما حول العمل الذي تبناه قطاع الثقافة والتراث الوطني الذي يحمل عنوان «مجنون ليلى» للفنان اللبناني الملتزم مرسيل خليفة والشاعر البحريني المبدع قاسم حداد هو عمل إنساني بحت وليس كباقي الأعمال العربية الأخرى التي تميز عنها من حيث الفكرة والطرح الجديد.

إن صدى هذا العمل وصل إلى عواصم شتى بما فيها الخليجية التي تتنافس اليوم على عرضه مرة أخرى في برامج ثقافية ضمن مهرجاناتها السنوية بينما نحن في البحرين وللأسف يحاول نفر من النواب الأفاضل المحسوبين على تيار عقائدي مؤدلج تشويه وتجريم هذا العمل بحجج يريدون منها إغراق البلاد بأفكار ظلامية لأن في فكرهم علاقة طرد «تصادمية» بين الفن الإنساني وبين الفكر المتزمت... هذا الفكر الذي يذكرنا بما قام به طالبانيون في أفغانستان عندما دمروا تماثيل بوذا بحجة أنها أثار كفر وضلالة لا تراثا ترتقي به الإنسانية تحفظه ضمن تاريخها الذي هو ليس ملكا لأحد.

«مجنون ليلى» هو أيضا عمل تملكه الإنسانية في وقت أصبح للكره مكانا في نفوسنا بدلا من المحبة والوئام.

لن أخوض في تفاصيل أكثر عن العمل فقد كتبت ما يكفي لكن نقول لهؤلاء النواب وبعض المواقع الإلكترونية والصحف الصفراء بما فيها الناطقة باللغة الانجليزية التي يبدو أنها تريد أن تطفش السواح والمقيمين الأجانب أن واقع مجتمعنا تعددي فهناك مجتمعات داخل المجتمع البحريني العام ولكل مجتمع عاداته وأنشطته التي يقدمها لجمهوره ويتفاعل معها وهي ليست بالضرورة تجذب الطرف الآخر من المجتمعات الأخرى، لكن الاحترام كان ومازال هو العامل القائم في هذا الجانب على مر الزمن فلا احد يعتدي على نشاط الآخر.

نفس الشيء ينطبق مع ربيع الثقافة فهناك محبوه من مجتمع البحرين الذي يعشق فعاليات هذه التظاهرة الثقافية وبالتالي فالخيارات متوافرة ومتاحة أمام الجميع وهي ليست أمرا مفروضا فمن يحب أن يحضر فمرحبا به ومن لا يريد فأيضا المسألة تعود لقرار الفرد الشخصي... فهناك المطعم الراقي وهناك المطعم الشعبي والخيار متروك للشخص ليقرر ما يريد لا أن يفرض ذوقا واحدا من المطاعم بحجة هذا وذاك من الأمور.

ففي الوقت الذي يريد فيه البعض من النواب إجهاض حركة ونشاط الثقافة في البحرين نجد دول الجوار بصدد وضع مدنها في برامج تستنهض الثقافة بكل أشكالها دون قيد، وهي البرامج التي ستضع مدينة مثل أبوظبي على خريطة الثقافة العالمية وليس الإقليمية فقط وهو الأمر الذي شجعه وصرح به حديثا رئيس دولة الإمارات سمو الشيخ خليفة بن زايد.

أبوظبي بصدد افتتاح نسخة مماثلة لمتحف اللوفر الفرنسي، وذلك ضمن اتفاق تستمر على مدى ثلاثين عاما بين الإمارات وفرنسا، إذ تصل ميزانية مثل هذا التبادل الثقافي إلى 524 مليون دولار أميركي مقدمة للحكومة الفرنسية من أجل استخدام اسم اللوفر ومعروضاته مع متاحف أخرى فرنسية، وذلك بحسب ما جاء في مجلة ميد الاقتصادية الثلثاء الماضي.

دول الجوار تبحث اليوم عن مفهوم آخر لمدنيتها المواكبة للعصر على غرار نيويورك ولندن وطوكيو بينما نحن هنا سنغرق في ثقافة الفرض والعودة إلى الوراء وعدم ترك الخيار مفتوح للجميع.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 1651 - الأربعاء 14 مارس 2007م الموافق 24 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً