العدد 1651 - الأربعاء 14 مارس 2007م الموافق 24 صفر 1428هـ

لجنة عربية إسلامية لمقاومة «الصفوية» في البحرين!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

كالعادة تأتي بغتة فتنة الـ «مسجات» المفتونة بذاتها المستترة تحت عباءة الأرقام والرموز، لتطرأ ثقيلة سوداء بظلها على ذاكرة الهاتف المحمول، وهذه المرة وعلى غير المتوقع يحمل «المسج» مقدمة متهللة تزف البشرى إلى فئات من الناس محددة بالـ «شرفاء» و «الأحرار» و «العرب» و «المسلمين»، وتعلن تلك «المسجات» المتهللة بما هو سار ومبهج، وفي ما يتعلق بالإعلان عن تشكيل وتأسيس «اللجنة العربية الإسلامية لمقاومة الصفوية في البحرين». وقد ترافق التبشير بالإعلان التأسيسي لهذه اللجنة مع التكبير والتذكير بأن تأسيس هذه اللجنة يعد بادرة أولية ضمن حركة الجهاد الأكبر المستهدفة لـ «قرامطة هذا العصر»، مع الدعوة الملحة للانضمام إلى هذه الحركة التي من المؤمل أن تشمل جميع مقاعدها الوطن العربي بأكمله!

وكردة فعل أولية على خطاب هذا المسج وغيره من «مسجات» فإننا نقول إذا تم على سبيل المثال تأسيس «اللجنة العربية الإسلامية لمقاومة الصفوية في البحرين»، فهل يحق لآخرين مثلا عملا بمبادئ الحرية في التعبير والدفاع عن النفس أن يبادروا إلى تأسيس لجان أخرى لمقاومة «الأموية» و «العثمانية» و «الغزنوية» وغيرها من تراتبات تاريخية إسلامية لا يمكن استبدال إحداهن بالأخرى؟!

ما هي محددات وملحقات مفاهيم «الصفوية» و «الصفويون» و «المد الصفوي» لدى القائمين على هذه اللجنة؟!

هل «الصفوية» انتماء طائفي أم إثني أم ايديولوجي أم أنثروبولوجي أم «طبليوجي»؟!

إذا تم تحديد مفهوم «الصفوية» فما هي الأسباب المعلنة والتي تجد منها اللجنة مبررا لشن حرب شعواء ضد تلك «الصفوية» المعلن عنها؟!

هل الانتقام من «الصفوية» مثلا يكون لأجل إقصائيتها وعنفيتها تجاه الآخر؟!

هل لاضطهاد العرب وأهل السنة والجماعة في إيران سبب في المعاملة بالمثل؟!

إذا كان سؤالنا الأخير أعلاه سببا رئيسيا لإنشاء هذه اللجنة التي ستحمل حينها شعارات عريضة وبراقة مرفوعة لا أحد يختلف بشأن مشروعيتها وهي محاربة «الاضطهاد العرقي والطائفي» و «مقاومة العنصرية»، إذا كانت تلك البواعث فلماذا لا تيمم اللجنة وجهها شطر جوار أشد حميمية وقربا ماديا وروحيا تتم فيه ممارسة أشد أشكال العنصرية الجاهلية اضطهادا ضمن نطاق العنصر والعرق العربي السامي الأوحد، ألا وهي ظاهرة التطليق «المقونن» و «المشرع» لانتفاء أسباب التكافؤ القبلي بين الزوج والزوجة، والتي لا نعلم حتى الآن ما هي «معايير التقويم القبلي الأكاديمي» أو حتى «الشرعي» المتبعة في ذلك التطليق «ظاهرة قروسطية تستحق الدراسة»؟!

وفي حال استندت اللجنة في تقريرها الرقابي بشأن الأنشطة «الصفوية» في البلاد بأن «الصفويين» هم الموالون للخارج الإيراني، والذين يرفعون صور رموزه وما عداهم فهم خارج دائرة الإلهام والاتهام، فهل بمقدور ذلك التمييز بين ولاء سياسي وولاء فكري وايديولوجي اعتقادي أن يفرز نتيجة نسبية ملموسة مثلا؟! وهل يعني ذلك مطاردة أصحاب الولاءات الخارجية الفضفاضة والمسترزقة من حليب البقرة البحرينية «أم العيون السود»، وتضييق فجاج الأرض من حولهم، هم وغيرهم ممن يحملون ازدواجيات ولائية سياسية مصادق عليها قد لا تعفي أثرا من تحولات وتصاريف المناخ السياسي الدولي مستقبلا إذا ما ضربت الفوضى البناءة أوتادها المفتتة طائفيا وإثنيا في المنطقة؟!

لو تم انتهاج نشاط الوصاية الرقابية تلك مستقبلا حينما تعلن اللجنة قيامها أدبيا وماليا فهل ستطارد أيضا؟ وبالمثل من يرفعوا صور «جمال عبدالناصر» و «غاندي» و «نهرو» و «تيتو» و «تشافيز» و «جيفارا» وحتى «روبي» و «نانسي عجرم» ممن يتمتعن بسلطان وصلة أقوى بكثير من سلطات وصلات السياسيين مع القلب النابض للمجتمع العربي الإسلامي؟! كلها رموز وولاءات خارجية في النهاية بغض النظر عن أبعادها؟!

هل ستطالب بتشريع قانوني يحقق توازنا منطقيا بين هذا وذاك؟!

وهل ستكون هذه اللجنة أصلا خاضعة للدستور والقوانين المنبثقة عنه، ولقانون الجمعيات السياسية؟!

ما هي المعايير والطرق التي سيتم من خلالها تحديد «الخطر الصفوي» وامتداداته البيانية والإحداثية؟!

هل ستقيم اللجنة مركز دراسات خاص بالـ «صفوية» من أجل رصدها ومخططاتها، أم أنها ستعتمد على أمزجة مشبعة بالكافيين والنيكوتين لبعض كتاب الأعمدة الصحافية المتشنجة، وذلك لتحشيد جهودها وتجييشها؟! هل تشمل مقاومة الصفوية أيضا الدعوة إلى مقاطعة المنتوجات الصفوية مثل «الزعفران» و «القند» و «السجاد»، أو الأطباق الصفوية مثل «جلو كباب» و «إزمة سلط» و «ميرزا قاسمي» و «آش رشتة» وغيرها، أو ربما الحلويات الصفوية كالـ «ساهون» والـ «كز» والـ «بستني» والـ «فالودة»؟! في حال ما تم ذلك ما هي استراتيجية لجنة الأمن الغذائي أو الأمن «الكرشي والردفي» المستقبلية والبديلة لتلك المقاطعة الموعودة إذا ما ضمنت في جدول أعمال اللجنة؟! ما هو تقييم اللجنة لمدى تحقق الاكتفاء الإنتاجي والاستهلاكي الذاتي محليا، إذا ما قررت مثلا في يوم من الأيام شن حرب ضروس ضد السوق «الإيرانية»، معتبرة إياه هو الآخر مركز إشعاع «صفوي» في البلاد، وهو الذي فيما يبدو يعتمد عليه معظم الشعب البحريني بغالبيته المعدمة وأقليته الثرية ووسطيته الطبقية المتهالكة؟! أم أن الأمر أشمل بكثير من ذلك؟!

وفي حال تم ترصد «صفويين» مزعومين يحملون الجنسية البحرينية وهم ربما يقترفون تداول عقار أو يرتكبون شراء خبز، فما هي الإجراءات الرادعة والتأديبية التي ستتخذ ضدهم، وضد وجودهم الذي سيشكل جحيما للآخر بحسب منظور اللجنة؟! هل سيطال ثأر اللجنة من مواطنتهم وحقوقهم؟! ما هو موقف اللجنة من العلاقات الرسمية الودية التي يقيمها النظام مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة؟! وكيف سيتصرف أعضاؤها تجاه تلك العلاقات؟! وما هو تصنيفهم لتلك العلاقات الرسمية وبالتالي حكمهم النهائي عليها وعلى الداعين إليها؟!

إذا ثبت شرعا ووضعا وجود مسئولين «صفويين» يتولون مناصب حساسة ومهمة بالدولة ويعملون على إدارة ممتلكاتها ومتعلقاتها بحرفنة وتزكية رسمية، فكيف سيكون موقف وردة فعل اللجنة العربية والإسلامية لمقاومة «الصفوية» في البحرين؟! ما هي تحسبات أعضاء اللجنة تجاه مخاطر ردود الفعل المضادة وآثارها على المصلحة العامة والاستقرار الوطني؟!

وحتى انتظار الإعلان عن هذه اللجنة فإننا بانتظار «مسج» آخر يعلن فيه عن رموز هذه اللجنة وكل الحقائق التنظيمية الأساسية، عسى ألا يكون كل الأمر «هرار x هرار»، فيبقى حاله من حال الإعلان عن اقتراح تأسيس «لجنة أهلية لمراقبة النواب»، والذي لم نرَ له حتى الوقت الحالي من أثر.

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 1651 - الأربعاء 14 مارس 2007م الموافق 24 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً