استطاعت البحرين ومعها دول الخليج الدخول إلى بوابة السياحة من خلال تشييد المجمعات التجارية ومراكز التسوُّق الكبرى أو ما يعرف بـ «مول»، حيث أصبحت عاصمة مثل عاصمتنا (المنامة) مع ضواحيها الجديدة شبيهة بـ «السيف» تعجُّ بمختلف أنواع المحلات والماركات العالمية من أرخصها إلى أغلاها, فجمعت بذلك جميع محلات لندن ونيويورك تحت مظلة المجمعات وأخرى احتضنت فقط بوتيكات دور الأزياء الفرنسية المشهورة في أحد أطول أبراج المنامة الشاهقة لتختار من موقعها تميزا من نوع آخر.
طفرة المجمعات وثقافة الاستهلاك جعلتانا اليوم كمواطنين وزوار إلى دول الجوار نكتسب عادات جديدة بسبب هذه الثقافة التي تحوّلت إلى ظاهرة اقتصادية أخذت بُعدا اجتماعيا في تغير المفاهيم ولاسيما في عملية البيع والشراء للقطعة الاستهلاكية... ليس فقط في الأزياء بل حتى في قطع إكسسوارات المنزل والأثاث إلى غيرها من الأمور التي كانت غير موجودة بأسواق البحرين في مرحلة ما.
ففي تقرير سابق نشرته وكالة الأنباء الكويتية (كونا) في صيف العام الجاري أشار إلى أن أحدث الأرقام الصادرة عن المجلس العالمي لمراكز التسوُّق أوضح أن دول الخليج الست ستنفق ما يزيد على 18 مليار دولار حتى العام 2009 لإنشاء مراكز تجارية وأسواق متخصصة وذلك بهدف جذب السيّاح من مختلف أقطار العالم.
في حين أوضحت دراسة عالمية أخرى بحسب التقرير أن حجم الاستثمار في المراكز التجارية في منطقة الخليج - التي يبلغ عددها أكثر من 200 مركز - بلغ نحو 65 مليار دولار بحجم مبيعات سنوي يقدر بنحو 30 مليار دولار تمثل نحو 5.5 في المئة من الدخل المحلي الإجمالي لدول الخليج.
إن التطور الذي شهدته مراكز التسوُّق الخليجية يُعَدُّ لافتا؛ ففي العام 2000 كانت مساحة المراكز التجارية في دول الخليج مجتمعة نحو 2.5 مليون متر مربع وارتفعت إلى 5.3 ملايين متر مربع حاليا.
ويُتوقع وصول المساحة خلال العامين المقبلين الى نحو 17 مليون متر مربع؛ ما يعني أن نسبة النمو في المساحات التسويقية بين عامي 2000 و2010 تفوق 550 في المئة إن التسوُّق يُعَدُّ أكثر النشاطات شعبية في دول الخليج، بل وأحد أهم أسباب تدفُّق السيّاح على دول المنطقة بسبب غياب المقومات السياحية الحقيقة. يكفي أن نقول إن ظاهرة المجمعات ومراكز التسوُّق وثقافتها الجديدة ساهمت في مضاعفة ممارساتنا الاستهلاكية وهي أحد إفرازات العولمة الأميركية التي نقلت لنا هذه الثقافة الاستهلاكية التي انطلقت أولا في العام 1916 من ولاية إلى أخرى لتنتقل بعد ذلك إلى الصين ودول شرق آسيا وأخيرا إلى الخليج، والأخيرة نقلت عدوى ذلك إلى بعض دول «المتوسط» مثل تركيا ومصر
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 2250 - الأحد 02 نوفمبر 2008م الموافق 03 ذي القعدة 1429هـ