نعم، ربما يكون الكلام مكررا بشأن ضرورة إحداث إصلاح هيكلي لاقتصاد بلادنا، وسمو ولي العهد طرح الموضوع بقوة في العام 2004، عندما تحدث عن إصلاح سوق العمل، وبعد ذلك تحدث عن إصلاح التعليم والتدريب، وإصلاح تخطيط الأراضي... ومن المؤمل أن يعود الحوار بقوة بشأن الإصلاح الاقتصادي. حدثت عدة أمور أبطأت التحرك نحو إصلاح هيكلية الاقتصاد، ونأمل في أن تتحلحل الأمور نحو رؤية مستقبلية تتحرك باتجاهها الجهود الوطنية جمعاء.
ولكن، لكي تنجح خطط إصلاح الهيكلية الاقتصادية فنحن بحاجة إلى معلومات دقيقة عن السكان، ومستوى الغلاء ومستوى المعيشة والدخل والطبقات المجتمعية، وكثير من الأمور التي يستخدمها الاقتصاديون لتفعيل برامج الإصلاح. ولكن في البحرين نفتقر إلى المعلومات الشفافة، وما لدينا ليس واضحا ولا يمكن اعتباره دقيقا بأية حال من الأحوال. وربما أن المشكلة الأساس أن بعض الجهات الرسمية اعتبرت جهاز الإحصاء من أسرار الدولة العليا؛ ولذلك لم يعد بالإمكان معرفة حتى نسبة البحرينيين من غير البحرينيين، ونسبة الذين يتحدث عنهم الإحصاء وكأنهم يعيشون بيننا وربما أنهم في بلدان أخرى... وهذا كله يضر في إحصاءات التعليم والصحة والتأمين والتسويق بالنسبة إلى المنتجات والخدمات. ولتوضيح أحد الإشكالات التي وردت في إحدى الندوات، طُرِحَ السؤال عن عدد قراء الصحف من البحرينيين وعددهم من العرب وعددهم من الأجانب في البحرين؟ فكان الجواب أنه من الأفضل الرجوع إلى إحصاءات 1991 أو إحصاءات 2001 (مع الانتباه لعدة جوانب تغيرت)، واستشفاف الأجوبة لمعرفة مثل هذه الأمور؛ لأنه أصبح من المستحيل اعتماد الإحصاءات الحالية التي اختلط الحابل فيها بالنابل.
إننا نعلم أن البحرين تمر حاليا - وللسنة الثالثة على التوالي - بنمو اقتصادي أفضل بكثير من السابق؛ وذلك بفضل ازدياد سعر النفط؛ وازدياد حركة المصارف الإسلامية (التي تنتفع من وفرة المال النفطي)؛ وازدياد الحركة في قطاعات العقارات والتجزئة والمجمعات التجارية (التي ترتبط أساسا بوجود وفرة مالية)... ولكن ما لا نعلمه هو أثر هذا النمو في الدورة العامة للاقتصاد... وهل ارتفع مستوى الدخل لدى البحرينيين؟ كم ارتفع؟ هل ازدادت الفجوة بين الأغنياء والفقراء؟ كم هي الزيادة؟ هل تحركت مشروعات تتطلب أيادي عاملة وطنية بمعاشات مجزية؟ أم أن ما تحرك هو قطاعات تعتمد على أيدٍ عاملة تتنافس مع بنغلاديش من جانب، وتتنافس مع نيويورك من جانب آخر؟ وهل أن ما لدينا ربما يكون نسخة من أنموذج «نيجيريا»؟
هذه الأسئلة وغيرها لم نجد لها أية إجابة أثناء الحوار في إحدى الندوات، وعقّب أحد المطلعين أن الطفرة الاقتصادية قد تمر على البحرين ونكتشف بعد سنوات أن أفضل وظيفة للبحريني هي العمل فراشا في مجمع تجاري يمتلئ بالخليجيين، بينما لا يستطيع البحريني أن يشتري شيئا من البضائع (لأنها فوق مستوى معيشته) ولن يكون لديه سوى النظر إلى الآخرين وهم يبتاعونها.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1650 - الثلثاء 13 مارس 2007م الموافق 23 صفر 1428هـ
دودو حببتي
بارك الله فيك اخي المسلم الله يوافقك