«في هالثلاث سلفات، كل وحدة إلها ولد والثالثة ما حبلتش، مرة مرق بياع تفاح للحبل اشترت اللي بتحبلش حبة تفاح وحطتها على الشباك! أجا جوزها أكل نصها ودشر نصها أجت المرة أكلت نصها وقامت حبلت وجابت نص ولد (إلُه عين وإيد ورجل... يعني نص) سموه نص نصيص لما كبر صار هو وأولاد عمه يروحوا على الصيد، أولاد عمه أبوتهم أغنياء وكل واحد كان يروح على فرس وهو عشان أبوه فقير كان يروح على غنمه، وبعدين همي يصيدوا بالبارود أما هو في المقليعة، ويصيد أي شي بده إياه».
مقتطفات من كتاب «قول يا طير» القصصي والذي قررت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية جمعه من المدارس ومنعه من التداول بمكتباتها؛ لأنه طبع باللهجة العامية إلى جانب احتوائه على ألفاظ وعبارات نابية، في الوقت الذي ادعت فيه بعض وسائل الإعلام أن الوزارة قامت بحرقه وإتلافه.
«قول يا طير» لمؤلفه شريف كناعنة كتاب ليس ضمن المنهج الدراسي وكان قد وُزِّع في المدارس بطريقة غامضة مؤخرا وهو عبارة عن 45 حكاية قصصية مرويَّة باللهجة العامية وتتخللها ألفاظ خارجة.
وما إن قررت وزارة التربية والتعليم مصادرته حتى انقسمت الأصوات الفلسطينية ما بين مؤيد وبشدة واصفا القرار بـ «الهام والإيجابي» وبين آخر رافض وبشدة للقرار واصفا إياه بـ «الظلامي والانغلاقي» ومتهما حماس بالسعي لـ «أسلمة التعليم»، ومطالبا بأن تتولى حقيبة التربية والتعليم في حكومة الوحدة المرتقبة شخصية مستقلة بدلا من حركة حماس، كما هو مقرر بحسب اتفاق مكة بين حركتي فتح وحماس.
«حماس»: المدرسة لا... السوق نعم
وزير التربية والتعليم الفلسطيني الدكتور ناصر الدين الشاعر الذي قرر جمع الكتاب القصصي صرّح بأنه ليس ضمن المنهج الدراسي، وأن السبب في منع تداوله ومصادرته؛ بسبب طبعه باللهجة العامية، إلى جانب أنه يحمل عبارات نابية.
وأشار إلى أن الكتاب متواجد في مكتبات المدارس ويحتوي على بعض الألفاظ النابية الجنسية التي لا تتوافق بأي حال مع قيم وعادات وتقاليد الشعب الفلسطيني، وتسيء إلى تراثه الأصيل، مشددا على أن الكتاب يتعارض مع الخطة التربوية التي تستهدف الارتقاء بواقع طلبة المدارس عامة من خلال ترسيخ القيم الحميدة ونبذ الألفاظ البذيئة.
وأضاف الشاعر «إن لجنة فنية كانت قد درست الكتاب ورأت أنه مليء بالعبارات النابية، ومن الصعب إبقاء كتاب من هذا النوع بين أيدي الطلاب، لكنه موجود في السوق ويمكن للمهتمين أن يقرأوه».
ونفى الشاعر، الأنباء التي أوردتها وسائل إعلام فلسطينية وتحدثت عن قرار وزاري بجمع نسخ الكتاب وإتلافه.
وتابع شارحا «لا يوجد قرار وزاري بهذا الشأن ونحن لسنا ضد التراث الشعبي، وهذا كتاب موجود في السوق تم إيصاله بطرق لا نعرفها إلى مكتبات المدارس وهو كتاب ليس في المناهج المدرسية.. ثم إن هذا الكتاب مكتوب باللهجة العامية وغير لائق أن يدرس في المدارس التي تدرس اللغة الفصحى، بالإضافة إلى أنه يحمل كلمات نابية لا يجوز أن يقبل في مكتبات المدارس، ويجري الآن استبعاده من مكتبات المدارس فقط وليس كما أذاع البعض حرقه وسحبه من الأسواق».
النائبة منى منصور، عضو لجنة التربية والتعليم في المجلس التشريعي أكدت في حديث خاص لشبكة «إسلام أون لاين. نت» أن الأمر لا يتعلق «بكتاب مدرسي، بل بكتاب طبع باللهجة العامية وتم توزيعه على المدارس ووجدت الجهة المختصة بالإشراف والتأهيل التربوي أنه غير مناسب؛ لأنه باللهجة العامية ويحمل كلمات نابية»... إلا أن البعض يحاول الاصطياد في الماء العكر... وتحميل الأمور أكثر مما تحتمل».
أهداف «سياسية»
الشيخ حامد البيتاوي رئيس رابطة علماء فلسطين أعرب عن أسفه لردود الأفعال السلبية التي أظهرت الحكومة الحالية كمن يمارس «الإرهاب الفكري أو يهاجم التراث».
وأضاف في حديث لـ «إسلام أون لاين.نت»: «أخشى أن تكون لبعض التصريحات المتسرعة والمقصودة من بعض الناطقين أهدافا سياسية غير معلنة من أجل التشويه أو الإقصاء...
«إعدام الكتاب»
«شريف كناعنة» مؤلف الكتاب وأستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في جامعة بيرزيت حذر من جانبه مما وصفه بـ «الإرهاب فكري».
وقال كناعنة لـ «إسلام أون لاين. نت»: «أعتقد أن من قام بعملية منع الكتاب (من المدارس) ما هو إلا شخص غير أكاديمي أو شخص لا علاقة له بالقراءة، وهناك من تحدث عما جاء في الكتاب من كلمات عن أعضاء جنسية وهي لا تتعدى الكلمات الثلاث في 400 صفحة، ومن ثَم انتقلت الفكرة إلى شخص مسئول، وهذا المسئول نقلها إلى من هو أعلى منه، وبالتالي صدر قرار إعدام الكتاب».
وقال كناعنة: «لست أنا من أقر توزيع الكتاب على المدارس فوزارة الثقافة هي التي طلبت ذلك ودفعت مقابل نسخ 3 آلاف نسخة من الكتاب وهي من وزعته».
«هجمة» على التراث
من جهته، وصف حيدر عوض الله عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني ومسئول الدائرة الثقافية القرار بـ «الظلامي الذي ينذر بتصفية الميراث الديمقراطي للشعب الفلسطيني والتنوع الفكري والأدبي لمكونات الحياة الثقافية الفلسطينية «لصالح خطاب أصولي سطحي مغرق في انغلاقه على الحياة وتنوعها».
كما نوَّه عوض الله إلى المغزى الذي ينطوي عليه هذا القرار في ظل استلام حماس لوزارة التربية والتعليم، مذكرا برأي الحزب الذي أصر على تسليم وزارة التربية والتعليم إلى «شخصية مستقلة قادرة على قيادة العملية التعليمية، في إطار التراث الوطني الديمقراطي للشعب الفلسطيني».
وإلى جانب حزب الشعب «يساري» نادت أصوات أخرى لفصائل متعددة بضرورة تولي شخصية مستقلة لحقيبة وزارة التربية والتعليم في حكومة الوحدة المرتقبة؛ بحجة أن «حركة حماس ستعمل على أسلمة التعليم».
ومن جهتها، أبدت النائبة نجاة أبو بكر عن حركة فتح مخاوفها على مصير القصص الشعبية في ظل ما وصفته بـ»الهجمة على كنوز التراث الشعبي الأصيل».
ضجة «مفتعلة»
وتعقيبا على مطالبة بعض الأصوات؛ لأن تتولى شخصية مستقلة وزارة التربية والتعليم قال أسامة المزيني عضو القيادة السياسية في حركة حماس لـ»إسلام أون لاين.نت»: «حماس عندما تتولى أي وزارة تتولاها بمهنية عالية، ومن يطالب بهذا الأمر يستغل حادثة الكتاب للترويج لهذا المطلب.. حركة حماس تحافظ على التراث الفلسطيني، بل تعمل على حمايته واليوم جاء قرار وزارة التربية والتعليم بناء على دراسة متخصصة ومهنية من خلال خبراء ارتَأَوا أن هذه القصص ليست مناسبة لأن يقرأها طلابنا، ونحن نسعى لأن نقدم الأفضل لأبنائنا».
العدد 1648 - الأحد 11 مارس 2007م الموافق 21 صفر 1428هـ