للمرة الأولى في تاريخ المملكة العربية السعودية تشارك المرأة السعودية بالتصويت المباشر في انتخابات مجالس إدارات المؤسسات الأهلية لأرباب الطوائف (المطوفون والزمازمة والأدلاء) المقررة في 14 مارس/ آذار الجاري.
وفي تصريحات لـ «إسلام أون لاين. نت» أشادت سهيلة زين العابدين، الناشطة الحقوقية وإحدى الدليلات، بقرار وزير الحج، المشرف العام على هذه الانتخابات، فؤاد بن عبدالسلام الفارسي، بشأن السماح للنساء بالتصويت المباشر في تلك الانتخابات، بعد أن كن يصوتن في الانتخابات الماضية عبر وكيلهن الشرعي.
واعتبرت سهيلة القرار بمثابة «خطوة رائدة باتجاه حصول المرأة على كامل حقوقها السياسية»، معربة عن أملها في «أن تكون هذه الخطوة مقدمة للسماح لهن بالترشح خلال الانتخابات المقبلة».
وأكدت الناشطة الحقوقية أن النساء «أقدر من الرجال على تقديم الخدمات للحجيج».
وتعتبر انتخابات الطوائف الحالية هي الثانية بعد الدورة الأولى التي جرت العام 2002، وسمح للنساء بالتصويت فيها عبر وكيلهن الشرعي. وكان مقررا لهذه الانتخابات أن تجرى في 2006، لكنها أرجئت لمدة عام بقرار من وزير الحج.
ولا توجد إحصائية دقيقة عن عدد أرباب الطوائف، وإنما تقدر وزارة الحج عددهم بما يتراوح بين 13 و15 ألفا، وتمثل النساء نحو 52 في المئة منهم.
وتتألف المؤسسات الأهلية لأرباب الطوائف من ست مؤسسات للطوافة بمكة المكرمة، والمؤسسة الأهلية للأدلاء بالمدينة المنورة، ومكتب الوكلاء الموحد بمدينة جدة، ومكتب الزمازمة الموحد بمكة المكرمة.
والمطوف هو الذي يختار من يكون له وكيلا في جدة أو دليلا لحجاجه في المدينة المنورة أو الزمزمي الذي يقدم ماء زمزم إلى حجاجه القادمين باسمه. كما يعاون المطوف الزمازمة الذين يقدمون ماء زمزم يوميا إلى الحجاج في مقر سكنهم وفي المسجد الحرام. أما الأدلاء فيقدمون خدمات متكاملة في المدينة المنورة للحجاج من إسكان وإعاشة وترحيل وزيارة المسجد النبوي.
14 قائمة انتخابية
واستبعدت اللجان المشرفة على الانتخابات 11 قائمة من المنافسة لعدم توافر شروط الوزارة، فيما اعتمد وزير الحج 14 قائمة لمؤسسات الطوافة الست ومكتب الزمازمة الموحد في مكة المكرمة، ومكتب الوكلاء الموحد في جدة، بينما لم تعلن أي معلومات عن مؤسسة «الأدلاء» بالمدينة.
وتتنافس قائمتا «الطوافة ولبيك» على مجلس إدارة مؤسسة مطوفي حجاج الدول العربية، وقائمتا «المطوف والطائفة» على مؤسسة مطوفي حجاج تركيا ومسلمي أوروبا وأميركا وأستراليا، وقائمتا «العهد والاستمرار» على مؤسسة حج إيران، وقائمتا «زمزم والمباركة» على مكتب الزمازمة الموحد، وقوائم «التطوير، والطوافة، ومجموعة البركة» على مؤسسة مطوفي حجاج جنوب شرق آسيا.
وتشير التوقعات إلى أن الانتخابات لن تحسم بمؤسسة مطوفي حجاج جنوب شرق آسيا بالجولة الأولى، إذ تشترط وزارة الحج لفوز القائمة الحصول على 51 في المئة من أصوات المساهمين، وهو ما يتعذر تحقيقه في ظل تنافس ثلاث قوائم، لذلك تتوقع جولة ثانية بين القائمتين اللتين ستحصلان على أعلى عدد من الأصوات.
ويتكون مجلس إدارة كل من مؤسسات الطوافة الست ومؤسسة الأدلاء من 12 عضوا، بينما يتكون مجلس إدارة كل من مكتبي الوكلاء والزمازمة من 9 أعضاء. وتجرى الانتخابات لاختيار ثلثي أعضاء كل مجلس إدارة، فيما يعين وزير الحج الثلث الباقي.
وقد حسمت الانتخابات بمؤسستين من مؤسسات الطوافة ومكتب الوكلاء بجدة، بفوز القوائم المرشحة بهما بالتزكية، بينما لم يتضح بعدُ مصير الانتخابات بمؤسسة الأدلاء بالمدينة المنورة.
الحملات الانتخابية
مشاركة المرأة السعودية للمرة الأولى بالتصويت المباشر في انتخابات أرباب الطوائف دفعت القوائم المتنافسة إلى أن تضع نصب أعينها كسب أصواتهن، وسط توقعات بأن يكون لأصوات النساء تأثير كبير في ترجيح كفة القوائم الفائزة.
وبدأت القوائم المتنافسة حملاتها الانتخابية بتسويق برامجها في كتيبات، وعقد لقاءات تعريفية سواء عن طريق المقار الانتخابية، أو تشكيل فرق نسائية لزيارة المطوفات في منازلهن لمحاولة إقناعهن بالتصويت لقائمة بعينها.
وتتفق البرامج الانتخابية في المضمون، وإن اختلفت في الصياغة والألفاظ، وتصب كلها في تطوير الخدمات المقدمة للحجاج وتحسين العوائد، وهو الهدف الذي يداعب مشاعر المساهمين والمساهمات في هذه الخدمات، وخصوصا أولئك الذين يعتمدون على هذه العوائد في تأمين احتياجاتهم المعيشية، بحسب صحيفة «المدينة» السعودية.
وحددت وزارة الحج للمرشحين 10 أيام تنتهي في 13 مارس الجاري للترويج لبرامجهم الانتخابية، لتبدأ بعد ذلك عملية الاقتراع في 14 مارس، وتستمر لمدة 5 أيام.
أسلوب القوائم
وتواجه الانتخابات المقبلة عدة انتقادات، من بينها ما عبر عنه المطوف طلال بن حسين لصحيفة «عكاظ» أخيرا بشأن رفضه للانتخاب بأسلوب القوائم، لأن الناخب: «يضطر فيها إلى اختيار مجموعة لا يقتنع بها كلها لوجود شخص أو شخصين ممن يثق في قدراتهم، بينما يختار في الانتخابات الفردية من يقتنع به».
أما فؤاد عنقاوي فوجه انتقاداته للائحة التنظيمية للانتخابات ذاتها، لكونها تسمح لوزير الحج بإعفاء أي من الأعضاء المنتخبين متى رأى أن المصلحة العامة تقتضي ذلك، أو حل مجلس الإدارة بكامله، والدعوة لانتخابات جديدة، بحسب صحيفة «المدينة».
بالمقابل أشاد طلعت تونسي باللائحة التنظيمية للانتخابات؛ لأن وزارة الحج تعهدت فيها بـ»متابعة إنجاز 75 في المئة على الأقل من البرامج الانتخابية التي تقدمها القوائم الانتخابية».
ولفت إلى أن هذا الأمر «سيدفع تلك القوائم إلى تقديم برنامج عملي موضوعي بأسلوب علمي مقنن من دون المبالغة بوعود متبخرة بعد الفوز».
أرباب الطوائف
ويطلق مصطلح «الطوافة» على كل من يزاول مهنة تقديم الخدمة للحجاج بموجب تصريح رسمي من الدولة، ويرجع تاريخها إلى العهد العثماني، إذ بدأ مع الشراكسة الذين يتحدثون بلغة أعجمية، فكان لا بد من مرشد لهم يدلهم على المشاعر ويلقنهم أدعيتها، وعرفت بـ «الطوافة» لأن من أهم مسئوليات العاملين فيها تطويف الحجاج حول الكعبة المشرفة.
وكانت أعمال الطوافة تتم في البداية بشكل فردي، ولكن في العام 1398هـ (1978م)صدر قرار إنشاء مؤسسات الطوافة، تقوم بموجبه باستقبال الحجاج من المطار، ومن ثم متابعة شئونهم العامة كافة، وتهيئة المسكن اللائق وكل ما يحتاجه الحاج من مأكل ومشرب، وتوفير وسائل النقل المختلفة لتنقلاته داخل المشاعر المقدسة.
ويساعد المطوفين وكلاء لهم في جدة؛ لأنها تمثل البوابة الرئيسية التي يلج منها الحجاج إلى أراضي المملكة، ويقدم هؤلاء الوكلاء خدمات الاستقبال ونقل الحجاج إلى مكة المكرمة أو المدينة المنورة، وتقديم التسهيلات كافة.
العدد 1648 - الأحد 11 مارس 2007م الموافق 21 صفر 1428هـ