لكن من جهة أخرى تدل بعض المؤشرات أيضا على أن الازدهار في نشاط الإنشاءات في منطقة الخليج ربما وصل إلى ذروته في العام 2006، كما أن المعوقات التي صاحبت السعة بدأت تلقي بآثارها على النمو، إذ تشير الأرقام الربعية إلى حدوث تراجع في معدل النمو الخاص بنشاط المشروعات في دول مجلس التعاون في الربعين الثالث والرابع من العام 2006 مقارنة بالفترتين نفسهما في العام 2005. فقد بلغ معدل النمو في المشروعات في الربع الأخير من العام 2006 نحو 12 في المئة مقابل 35.4 في المئة قبل عامين، بينما بلغ النمو في الربع الثالث من العام نفسه نحو 8.4 في المئة مقارنة بمعدل 21.5 في المئة في الربع الثالث من العام 2005. وظل النقص في المواد والعمالة يدفع بكلفة المشرعات إلى أعلى في كامل منطقة الخليج.
ووفقا لبحث أجراه مكتب ديفيس لانجدون، فإن دول الإمارات، والسعودية، والبحرين، وقطر شهدت زيادة تصل إلى 45 في المئة في أسعار الأسمنت، والخرسانة الجاهزة، وفولاذ التسليح في العام 2006، بل إن السعودية شهدت أكبر ارتفاع في هذه الأسعار بعد أو أن وصل سعر الأسمنت إلى مستويات قياسية في سبتمبر/ أيلول إلى ستة دولارات للكيس بارتفاع 50 في المئة في مطلع العام 2006. ووصلت أسعار الخرسانة، أيضا، إلى مستويات قياسية بنحو 76 دولارا للطن في سبتمبر بزيادة 20 في المئة، بينما ازداد سعر حديد التسليح بمعدل 10 في المئة. أما دول الإمارات، والبحرين، وقطر فعانت ارتفاعات مماثلة في أسعار المواد خلال العام 2006.
وإن ارتفاع كلفة السكن بدأت تلقي بآثارها السلبية بعد ان ارتفعت الإيجارات بنسبة لا تقل عن 15 في المئة، الأمر الذي يشكل نحو 25 في المئة من كلفة أعماله. ومن المتوقع أن تظل الإمارات المحرك الذي يدفع بالنمو في قطاع الإنشاءات في منطقة الخليج بعد أن انضمت أبوظبي إلى دبي كنقطة ساخنة للاستثمارات في العقارات والبنية التحتية، وستشهد قطر، أيضا نموا قويا في الوقت الذي ظلت فيه الدوحة تستثمر عائداتها من احتياطات الغاز الهائلة.
وعلى كل، فإن معدل النمو في أنشطة المشروعات في المنطقة بات من المرجح أن يشهد العودة إلى مستوياته السابقة مع احتمال تراجع الأسعار والكلفة. ويتوقع انخفاض تضخم الكلفة في هذا العام 2007، ليصبح في مستوى 6 في المئة.
وإذا كان صندوق النقد الدولي قد قدر حجم السيولة المتوافرة في منطقة الشرق الأوسط بنحو 500 مليار دولار، فإن بعض المسئولين الخليجيين الذين اشتركوا بإعمال «المنتدى الاستراتيجي العربي» الذي اختتم أعماله في منتصف ديسمبر 2006 قدرها بنحو 770 مليار دولار، ولكن الملفت أن خسائر أسواق المال الخليجية قدرت بحسب تقرير مالي بعنوان: «التعافي المتأخر لأسواق المال الخليجية» بنحو 907 مليارات دولار، وهو مبلغ كبير فقدته قيمة الرسملة السوقية للشركات بعد حدوث التصحيح، وبمعنى آخر فقد شكل تراجع الأسواق 160 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة البالغ 565.7 مليار دولار، في حين قدرت خسائر سوق المال الإماراتية 254 في المئة من الناتج المحلي للإمارات، تلتها السعودية بخسائر 170 في المئة من الناتج السعودي.
لقد حصل تضافر كبير بين الاستثمار في البورصة وسوق العقارات، إذ أدت زيادة الموارد المالية في الدول النفطية إلى اهتمام كبير بالمشروعات العقارية خصوصا في دبي ومنطقة الخليج. ما أدى إلى ارتفاع أسعار الأراضي بشكل كبير بعد أن كثرت ورش البناء وسمح للأجانب بتملك الشقق السكنية. كما كثرت المشروعات السياحية والخدماتية.
وحصل القطاع العقاري على حصة استثمارية كبيرة من فائض السيولة الناتج من ارتفاع عائدات النفط، وانعكس ذلك مئات المشروعات العقارية الضخمة التي تم إطلاقها في دول مجلس التعاون الخليجي ولاسيما في دولة الإمارات وقطر والكويت والسعودية.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1647 - السبت 10 مارس 2007م الموافق 20 صفر 1428هـ