باتت الأمور ملاءمة أكثر من أي وقت مضى لإبرام اتفاق للتجارة بين دول الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي. الجديد في الأمر هو رغبة الجانب الأوروبي في إقامة منطقة للتجارة مع الجانب الخليجي. وتبين ذلك من خلال التصريحات التي أطلقها مفوض التجارة الأوروبية (بيتر ماندليسون) أثناء جولته الأخيرة في بعض دول المنطقة.
يذكر أنه انطلقت المحادثات بين الطرفين بشأن المنطقة الحرة في العام 1988 لكنها فشلت في إحراز تقدم يذكر بسبب إصرار الجانب الأوروبي على الإتيان بأمور جديدة قبل الموافقة على التوقيع على إنشاء منطقة للتجارة الحرة. فقد أدخل الأوروبيون في بعض الفترات متغيرات جديدة مثل عدم إساءة استخدام البيئة وضرورة منح الأقليات الموجودة في دول الخليج حقوقهم وبالتأكيد كانت هناك المسائل الاعتيادية مثل حقوق الإنسان والإصلاح السياسي.
حل القضايا العالقة
بيد أنه هناك بعض القضايا التي بحاجة إلى حلول قبل أن يوافق الاتحاد الأوربي على التوقيع على اتفاق للتجارة الحرة. وكان ماندليسون جليا في مطلبه وذلك في المحادثات التي أجراها مع المسئولين في دول مجلس التعاون بضرورة إزالة شرط تقييد التملك الأجنبي بنسبة 49 في المئة في دول مجلس التعاون الخليجي.
بدورها ترغب دول مجلس التعاون في الوصول إلى حل بعض القضايا مثل مسألة فرض الرسوم على الألمنيوم الخليجي المصدر إلى دول الاتحاد الأوروبي فضلا عن إفساح المجال للصادرات الخليجية من البتروكيماويات إلى داخل الاتحاد الأوروبي. وأوضح مفوض التجارة الأوروبية عن رغبة الجانب الأوروبي في إلغاء التعرفة المفروضة على ورادات الألمنيوم من دول مجلس التعاون والتي تبلغ 6 في المئة في الوقت الحاضر. كما أبدى الاتحاد الأوروبي استعداده لإلغاء جميع العراقيل المتعلقة بالواردات من المنتجات البتروكيماوية.
شركاء في التجارة
يمثل التقارب الأوروبي الخليجي خطوة في الاتجاه الصحيح نظر لما يمثله الاتحاد الأوروبي من ثقل على مختلف الأصعدة في عالم اليوم. يضم الاتحاد 27 دولة وذلك بعد انضمام كل من بلغاريا ورومانيا رسميا في مطلع العام 2007 إلى الاتحاد الأوروبي ما يعني زيادة عدد أعضاء الاتحاد من 25 إلى 27 بلدا. وعلى هذا الأساس يضم الاتحاد الأوروبي كلا من الدول الآتية: النمسا، بلجيكا، بلغاريا، قبرص، جمهورية التشيك، الدنمارك، استونيا، فنلندا، فرنسا، ألمانيا، اليونان، المجر، ايرلندا، ايطاليا، لاتفيا، ليتوانيا، لوكسمبورغ، مالطا، هولندا، بولندا، البرتغال، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، إسبانيا، السويد، المملكة المتحدة.
بمقدور الاتفاق فيما لو تم أن يفتح المجال أمام الصادرات الخليجية على أكبر سوق في العالم (يمثل حجم الناتج المحلي لدول الاتحاد الأوروبي مجتمعة أكبر اقتصاد في العالم أي أكبر من أميركا أو اليابان). ثم ان من شأن الاتفاق أن يحد من العجز التجاري بين المنطقتين. حاليا هناك فائض بقيمة 13 مليار دولار لصالح الاتحاد الأوروبي. كما أن الاتحاد الأوروبي يمثل الشريك التجاري الأول لدول مجلس التعاون الخليجي بينما تمثل المجموعة الخليجية خامس أكبر سوق للصادرات الأوروبية.
بدورنا نؤيد المطلب الأوروبي بإلغاء دول مجلس التعاون لشرط 49 في المئة أو ملكية الأكثرية المحلية. المؤكد أن هذا الشرط في طريقة للزوال في كل الأحوال خصوصا مع إبرام بعض دول المجلس اتفاقات ثنائية كما هو الحال بين الولايات المتحدة مع كل من البحرين وعمان. كما تتوجه دول المجلس نحو إبرام المزيد من المعاهدات الجماعية مع الاقتصاديات الكبيرة مثل اليابان والصين والهند.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1647 - السبت 10 مارس 2007م الموافق 20 صفر 1428هـ