العدد 2250 - الأحد 02 نوفمبر 2008م الموافق 03 ذي القعدة 1429هـ

التمويل المتناهي الصغر يمكّن المرأة المصرية

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

باشرت جمعية تطوير وتعزيز المرأة عملياتها قبل ما يزيد على عشرين سنة في منشية ناصر، التي كانت في تلك الأيام أكبر منطقة تجمع سكّاني غير قانونية وغير معترف بها في مصر.

أظهرت التجارب الميدانية والبحوث الأكاديمية أنه كان من الصعب بشكل خاص للنساء على رأس أسرهنّ أنْ يحصلن على الائتمان أو فرص العمل. وقد أظهرت البحوث التي أجرتها الجمعية عدم وجود برامج إقراضية تأخذ أوضاع هؤلاء النساء بعين الاعتبار.

يجري ضمن إطار التمويل المتناهي الصغر توفير الفرص للنساء لمباشرة أعمال صغيرة داخل وحول بيوتهن حتى لا يضطررن لترك أولادهن وحدهم في البيت. وتضم أمثلة على أعمال كهذه بيع الخضراوات والمواد التموينية الأخرى والألبسة المصنوعة في المنزل والإكسسوارات التابعة لها. تتمكن النساء بذلك من توفير سبل العيش والتعليم والرعاية الصحية لأولادهنّ وتوفير الفرص؛ لتحسين أوضاعهنّ الاجتماعية والمهنية.

تقدَّم القروض المتناهية الصغر في مصر إلى مجموعات مكونة من خمس نساء على الأقل، دون الحاجة لضمانات أو رهونات عقارية، بشرط أنْ تلتزم كلّ من النساء بالعمل على مشروع محدد. وحتى يتسنّى الحصول على القروض يتوجب أن يكون للمرأة إما عمل قائم أو أفكار لعمل محتمل تنوي القيام به. يتم بعد ذلك إجراء بحوث ميدانية من قبل باحثين متخصصين بناء على طبيعة كلّ مشروع لضمان كونها مربحة ومناسبة للمنطقة التي تم إنشاؤها فيها.

يعتبر معدل تسديد القروض بين النساء الحاصلات على هذه القروض مرتفعا بشكل مذهل، حيث يبلغ 99 في المئة في حالة مصر، وهذا أمر معروف في عالم التمويل المتناهي الصغر ولكنه غير معروف بالدرجة الكافية خارجه. وهذا صحيح رغم أنّ ممعدلات الفائدة في حالات التمويل المتناهي الصغر مرتفعة بشكل غير طبيعي مقارنة بالمعدلات في القروض التقليدية، حيث إنّ المستفيدين عادة لا يكون عندهم تاريخ ائتماني أو حتى حسابات بنكية. إضافة إلى ذلك فإن النساء اللواتي يحصلنَ على قروض ينجحن أحيانا في إنشاء مشروعات خاصة بل وتوسيعها.

إلا أنّه ولسوء الحظ، توجد معوقات تواجه قطاع التمويل المتناهي الصغر في مصر. على سبيل المثال، لا توجد قوانين محددة تتعامل بالتمويل المتناهي الصغر في مصر، مقارنة بغيرها من دول الشرق الأوسط، مثل: المغرب، التي قامت بمأسسة الأطر القانونية للتمويل المتنامي الصغر من قبل المنظمات غير الحكومية والتي يمكن العمل من خلالها.

كما أن هناك شحا في المعلومات حول البرامج، ونتيجة لذلك، لا يعي نحو 80 في المئة من سكان مصر بالعملية الإقراضية القائمة حاليا، أو الفرص المتوافرة لهم.

هناك حاجة شديدة لكوتا في النوع الاجتماعي؛ لأنّ البرامج الإقراضية هذه، رغم توجهها نحو النوعين الاجتماعيين، تقدَّم بشكل أوسع إلى الرجال؛ لأنّ العديد من النساء يفتقرن للهويات الشخصية أو غيرها من وثائق إثبات الهوية.

بالإضافة إلى ذلك فإنه لا يوجد سوى تعاون ضئيل بين المنظمات غير الحكومية أو غيرها من المؤسسات فيما يتعلق بالقروض. وحتى يتسنى لمصر التغلب على هذه المعوقات وضمان توفر التمويل المتناهي الصغر لعدد أكبر من المحتاجين، هناك حاجة للتنسيق بين المؤسسات. قد تأخذ البنوك التجارية التي لا توجد بها دوائر للإقراض المتناهي الصغر بعين الاعتبار توفير قروض خاصة لمنظمات غير حكومية تسمح لها بتحديد عملاء التمويل المتناهي الصغر بأنفسها، الأمر الذي يوسّع مجال وصول الائتمان إلى الفقراء وفي الوقت نفسه يزيد من هوامش المؤسسات الإقراضية.

يمكن كذلك التنويع في خدمات التمويل المتناهي الصغر ليضم قروضا جماعية، والتدريب والدعم الفني ودراسات الجدوى ورفع القيود على نشاطات الإقراض إلى ما بعد القروض التقليدية، أنْ تزيد كذلك من مجال وفوائد النجاحات الأولية في التمويل المتناهي الصغر.

كذلك يساعد إنشاء مركز معلومات متخصص لتوثيق التاريخ الائتماني للمقترضين وعقد دورات تدريبية للعاملين في برامج التمويل المتناهي الصغر، على تحسين النظام. على سبيل المثال، تنادي جمعية تنمية وتعزيز المرأة بالتنسيق بين الممارسين والصندوق الاجتماعي للتنمية، وهو مبادرة مشتركة بين الحكومة المصرية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي يعمل على تصميم برامج تنموية، ويوفر التمويل للمبادرات التنموية المختلفة.

ليس الإقراض نشاطا تقوم به البنوك فقط، فقد بدأت المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال التمويل المتناهي الصغر تلعب دورا رئيسا في العملية التنموية في مصر من خلال معرفة واسعة بالمناطق النائية والمهمّشة التي لا يستهدفها القطاع المصرفي التجاري.

لذا تتواجد المنظمات غير الحكومية مثل جمعية تنمية وتعزيز المرأة في موقف فريد للوصول إلى المستفيدين المهمّشين وتشجيع الوعي بالعمليات الإقراضية للأفراد الذين لا يمكن الوصول إليهم بأساليب أخرى. تجعل العلاقة الوثيقة مع المجتمعات المحلّية المهمّشة، بالإضافة إلى التعاون مع المانحين الثنائيين والمتعددي الأطراف، تجعل من المنظمات غير الحكومية عاملا طبيعيا في العمليات الإقراضية.

ورغم أنّ هذه القروض لن تستأصل الفقر في مصر بشكل كامل أو تحقق تنمية اقتصادية فورية، إلا أنّها تشكل أساليب ابتكارية للبقاء وتوفير فرص عمل مستدامة للعديد من المصريين، ويمكنها أن تلعب دورا مهما في العملية التنموية في مصر.

* رئيسة جمعية تنمية وتعزيز المرأة، وخبيرة دولية في النوع الاجتماعي والتنمية، والمقال يُنشر بالتعاون مع «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2250 - الأحد 02 نوفمبر 2008م الموافق 03 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً