مقاومة المحتل الأميركي في العراق شيء وقتل الناس على الهوية شيء آخر. على مر التاريخ الإسلامي - وكما أشار ذات مرة أيمن الظواهري - لم يكن هناك أي رأي فقهي معتبر يجيز قتل الشيعة لأنهم شيعة فقط. وهذا ما يذهب إليه جمهور فقهاء أهل السنة والجماعة.
عصابات القتل على الهوية جميعها (المنتسبة للسنة أم للشيعة) هي مجرمة. واستهداف السنة أو الشيعة في مزاراتهم أثناء ممارستهم عبادتهم، أم في بيوتهم شيء مرفوض ومقطوع برفضه دينيا، وغير مجدٍ سياسيا أو اجتماعيا في المجتمع العراقي.
ثم ما ذنب «الشيعي» الذي يمشي في الشارع ذاهبا إلى مقر عمله أو عبادته؟ وبالمثل ما هو الذنب الذي اقترفه «السني» لكي يؤخذ بجريرة أن تكون هناك جماعة شاذة تنتسب «بهتانا» للسنة، والسنة مما تقوم به من قتل على الهوية براء.
إذا، من أين أتى هذا الفكر المنحرف؟ ومن الذي هيأ له القاعدة الفكرية/ الفقهية التي ينطلق من خلالها في عملية غسيل الدماغ للشباب المسلم؟ لا شك أن لكل قاعدة شواذ. والقاعدة الفكرية/ الفقهية التي تحرم القتل على الهوية لها شواذ، والشاذ لا يُعتد برأيه.
كثيرا ما نرى - مع الأسف - بأن الشباب يغلبهم الحماس إلى كل ما هو شاذ، ويغلبهم التمرد على العرف المستقر في الدين والسياسة والاجتماع، وأمر اتباع الشاذ من الآراء له مباحث في علم النفس كثيرة.
والأسباب في اتباع الشباب للشاذ من الآراء والجماعات كثيرة، ومنها: احساس الشاب بأنه يعيش بلا هدف في الحياة، ولا أمل في الترقي الاجتماعي، ولا وسيلة لخلاص الأمة وانعتاقها من براثن الاحتلال والتآمر العالمي. وبالتالي يكون الشاب مهيئا لاعتناق أية فكرة شاذة على قواعد يراها بأنها لم تأت بثمار والنتائج الإيجابية للأمة، وعلى جماعات لم تكن قادرة على خلق مناخات التغيير الإيجابي في تموضع الأمة في أسفل السلم، ناهيك عن الضغوط الاجتماعية والتهميش من التأثير في الحياة العامة حاضرا، وانعدام أي تفاؤل يلوح في الأفق بشأن المستقبل.
في حين ان الشاب العربي المسلم عليه الأخذ باسباب القوة، وأهمها على الاطلاق التحصيل العلمي الأكاديمي بتفريعاته المختلفة (تكنولوجيا، اقتصاد، سياسة، اجتماع... إلخ)، والذي تُستفاد منه الأمة في عمومها. بدلا من الركض خلف جماعات وأفكار شاذة ومنحرفة. والأخطر إنها قد تكون مخترقة من أعداء الأمة، كما تُشير بعض التحقيقات التي يتم إجراؤها بين الفينة والأخرى.
وبما أن العبرة بالنتائج والأعمال بخواتيمها؛ فما هي الفائدة المتحصلة للأمة من الاحتراب الأهلي؟
وما الآثار المتوخاة من عمليات القتل على الهوية؟ ألسنا سنظل عالقين في أسفل السلم ضمن ترتيب الدول؟
أليست أميركا والكيان الصهيوني هما المستفيد الأول والأخير من الاحتراب الأهلي في العالم الإسلامي؟
أليست عاقبة قتل أفراد من جماعة معينة هو قتل أفراد من جماعة أخرى؟ والناس - كما يقول العلامة الشيخ سلمان العوده «ليسوا دجاجا» ولن يقفوا ليتفرجوا على القتل الممارس في حق ذويهم وأقربائهم ومن ينتمي إلى دينهم أم مذهبهم.
القاعدة التي اعتقد بصحتها: لكل فعل طائفي رد فعل طائفي أسوأ منه. وآراء جمهور الفقهاء هي القاعدة التي يجب أن ينطلق من خلالها الشباب المسلم وليس الآراء الشاذة، أو تلك التي لا تعرف إلا القتل على الهوية، وليس لأصحابها نصيب من علم رباني أو دراية سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية!
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1646 - الجمعة 09 مارس 2007م الموافق 19 صفر 1428هـ