في «الاربعين» تتجدد ذكرى ثائر وثورة.
أما الثائر فهو الإمام الحسين (ع).
وأما الثورة فهي الثورة الحسينية المباركة التي أكدت أن الدم ينتصر على السيف، وأن النصر دائما يكون للمبادئ الخيرة.
في ذكرى الأربعين تتجلى القيم العالية النبيلة من جانب، والسلوكات الدانية من الجانب الآخر.
في ذكرى الأربعين لاستشهاد الإمام الحسين (ع) تتميز قوى الخير مقابل قوى الشر والطغيان اليوم وغدا وما بعدهما. في ذكرى الأربعين تمثل أمامنا أخلاقيات النبوة، والى جانبها أخلاقيات المناوئين لخط الأنبياء والمرسلين.
إن الثورة التي فجرها وقادها الى النهاية الإمام الحسين (ع) في كربلاء، شارك فيها الشيخ الكبير، والطفل الصغير، والمرأة العجوز، كما شارك فيها المسيحي الى جانب المسلم، والعبد الى جانب الحر، كلهم بناة لهذه الثورة الرائدة، وكلهم خلدوا وخلدت الثورة، ولهذا دلالاته الخاصة، ومن هذه الدلالات أن هذه الثورة لم تفجر لأجل فئة من الناس دون غيرها، أو مذهب من المذاهب دون غيره، أو دين معين دون سواه، إنها للعالم أجمع، كما أن محمدا (ص) جاء رحمة للعالمين، كل العالمين.
إن ثورة عظيمة كثورة الإمام الحسين (ع) ينبغي أن تنال حظها من الدراسة والتحليل - أكثر مما نالت - لتتضح لنا قدسية هذه الثورة، ومعاني هذه الثورة، وقيم هذه الثورة، وأن لها ما يميزها عن غيرها من الثورات التي شهدها العالم، حتى اليوم.
وأكثر ما يميز الثورة الحسينية أنها بعيدة عن الارتجال والتسرع، وإنما كانت ثورة مخططا لها مرحلة مرحلة، وخطوة خطوة، ولم تكن كما قال مناوئوها متسرعة مرتجلة، وإلقاء للنفس في التهلكة.
لقد كان الدفاع عن الدين ونصرة الحق المتمثل في أبي الشهداء الإمام الحسين هدفا كبيرا، أو قل الهدف الأكبر من وراء هذه الثورة، وكان الإمام الحسين (ع) يدعو الى الشهادة والدفاع عن دين الله وعن المظلوم وعن أهل البيت (ع) وهو واجب على جميع المسلمين. كان سيد الشهداء يدعو الناس الى هذه الفريضة، ولم يترك في هذا الصدد حتى عبيد الله بن الحر الجعفي الذي أبعد نفسه عن الكوفة وقضاياها، وقال الإمام في لقاء جرى بينه وبين عبيد الله بن الحر الجعفي في خيمة الإمام: «وأنت يا بن الحر فاعلم أن الله عز وجل مؤاخذك بما كسبت وأسلفت من الذنوب في الأيام الخالية، وأنا أدعوك في وقتي هذا الى توبة تغسل بها ما عليك من الذنوب، وأدعوك الى نصرتنا أهل البيت، فإن أُعطينا حقنا حمدنا الله على ذلك وقبلناه، وإن مُنعنا حقنا كنت من أعواني في طلب الحق»، وكان سيد الشهداء يرى الموت من أجل الحق وإحيائه عبادة وحياة، ولم يكن يخاف من الشهادة في هذا الطريق، وقال: «ما أهون الموت في سبيل نيل العزة وإحياء الحق».
إقرأ أيضا لـ "علي الشرقي"العدد 1645 - الخميس 08 مارس 2007م الموافق 18 صفر 1428هـ