يوم الثامن من مارس/ آذار، يوم المرأة العالمي، يوما تبدو فيه الوجوه النسائية النضالية أكثر إشراقا، ذلك اليوم الذي يراه الكثيرون يوما خاصا للحديث عن تاريخ المرأة وكفاحها، نراه يوما مناسبا للحديث عن معاناة المرأة البحرينية، فليس هناك شيء أكثر قيمة من أن يعيش الإنسان في وطنه بكرامة واستحقاق.
تعود الجذور التاريخية ليوم المرأة العالمي إلى القرن التاسع عشر الميلادي، إذ قرن هذا اليوم بمشكلة المرأة العاملة في الولايات المتحدة وأوروبا، ففي 8 مارس العام 1857 خرجت عاملات النسيج في نيويورك احتجاجا على ظروف عملهن، وبعد خمسين عاما من المظاهرات خرجت أيضا في 8 مارس العام 1908، ما يقارب من 15 ألف عاملة بمسيرة في نيويورك، تطالب بخفض ساعات العمل، ورفع المعاش، ووقف تشغيل الأطفال، وحق الاقتراع، وكان شعار المظاهرات «خبز وورود»، لكن فكرة الاحتفال تحسب لائتلاف المنظمات النسائية التي استغلت هذه التظاهرات في توجيه نداء للعالم بضرورة تخصيص يوم للمرأة، إذ طالبت النساء الديمقراطيات الاشتراكيات في مؤتمرهن الأول في ألمانيا العام 1906، والثاني في الدنمارك العام 1910 بتكريس يوم للمرأة، ولم يظهر ذلك للعلن إلا في العام 1913، حينما جرى اعتبار 8 مارس يوما للاحتفال بيوم المرأة العالمي، وبقي هذا التاريخ رمزا لنضال المرأة، ويوما للمطالبة بالحقوق، إذ تعالت الأصوات أن يكون لذلك اليوم مضمون أممي.
لم يكن الاحتفال بيوم المرأة أمرا مشاعا إلا عند الغرب، وبدا يتسلل إلينا في منتصف القرن الماضي، ومع استقلال الدول العربية وبناء الحكومات المركزية، سرى هذا الاحتفال بين شعوبها مرهونا بالمطالبة بتصحيح أوضاع المرأة الاجتماعية، وبدأت تقارير التنمية الإنسانية تشير في نصوصها إلى وضع المرأة الذي أصبح مؤشرا حيا للتنمية ومقياسا لتطبيق الحقوق العامة، فقد جاء تقرير التنمية الإنسانية العربية الأول الشامل للعام 2004، إلى أن تمكين المرأة من أهم النواقص المهمة التي تعوق التنمية في البلدان العربية. لذلك بدأت الدول العربية تسارع في وضع الخطط والبرامج من أجل رفع مشاركة المرأة في الحياة العامة، والبحرين لم تكن بعيدة عن هذا التوجه، إذ أطلق - كما هو معروف - المجلس الأعلى للمرأة في البحرين يوم 8 مارس 2005، الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية، وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تغيير الصورة النمطية للمرأة البحرينية والمساهمة في تمكينها نحو المشاركة الفعالة على مختلف الأصعدة.
مرت على هذه الاستراتيجية أكثر من عامين، ولم تستوعب برامجها أكثر من 30 في المئة من النساء البحرينيات في أحسن الأحوال، هناك فئة كبيرة منهن يطالها الفقر والحاجة والعوز، تطرق كل الأبواب، وتكتب في الصحف، وتناشد من تستطيع مناشدته، ألم يحن الوقت إلى الركون إلى قوانين تحفظ ماء وجوههن؟
هناك ثالوث ينهش في أجسادهن متمثل في: الإسكان والبطالة وتدني الأجور في أعمال خاصة بالنساء كالتعليم في رياض الأطفال ومصانع الألبسة الجاهزة، وهذه حكايات من بيوت بحرينية، ومن نساء بحرينيات يتجرعن الألم، ويحلمن بيوم تتحقق فيه الآمال نسردها لكم:
- (أم.م) نموذج المرأة البحرينية التي تحلم ببيت يأويها مع أسرتها، هذا البيت الذي أصبح في مخيلة الكثيرات أمرا أقرب إلى المستحيل إذ تسطر مشكلتها بقولها «أكثر من عشرين عاما، ونحن نتقل من شقة إلى أخرى، نحن أسرة مكونة من سبعة أفراد نسكن في شقة مكونة من غرفتين فقط، بالكاد تسعنا جميعا، ابني الأكبر يبلغ 25 عاما وهو على وشك الزواج، هل يحكم علينا القدر أن أكون أنا وأبنائي من ساكني الشقق، وما الذنب الذي جنيناه، وهل عزت علينا البيوت يا وزارة الإسكان؟».
- (أم.ف) نموذج المرأة البحرينية التي يعاني أبناؤها من البطالة «أخشى على ابنتي من الموت، لقد حصلت على الشهادة الجامعية قبل سنتين، لكنها إلى الآن من دون وظيفة، كل فجر لا يحمل لها أي تباشير بالعمل تهددنا بالانتحار، لا أعرف طعم النوم والراحة، كل ساعة انهض من فراشي مفزوعة، افتح الباب عليها، واحمد الله حين أراها حية ترزق، ولكن هل كل مرة تسلم الجرة؟ ومن المسئول عن ذبول ابنتي، وتدهور صحتي، وفقد أعصابي، إذ أموت في اليوم مئة مرة».
- (ي. ج) نموذج المرأة التي أضرتها الظروف للعمل في مصانع الملابس الجاهزة
«لو تقسمون راتبي على أيام الشهر، لكان بضعة دنانير، أتساءل في كل مرة هل يستحق هذا المبلغ أن نعمل من الصباح حتى المساء في جو بائس؟، أفكر في ترك العمل، لكن أين البديل؟ ولا بارقة أمل في أن يأتي يوم يأخذ بيدنا نحو العمل بكرامة، فهل يشعر الجميع إننا بحرينيات».
نعم هل يشعر الجميع أنهن بحرينيات، ومتى يتحرك المسئولون لكي تقر عيونهن وتطمأن قلوبهن، نداء يجب علينا التفكير فيه والإحساس به في يوم خاص بالمرأة، يوم لا يأتي إلا في كل عام مرة.
إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"العدد 1644 - الأربعاء 07 مارس 2007م الموافق 17 صفر 1428هـ