العدد 1644 - الأربعاء 07 مارس 2007م الموافق 17 صفر 1428هـ

فليقدم العرب الأميركيون المساعدة

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

التاريخ الأميركي شاهد على المصاعب التي تواجهها الأقليات العرقية والإثنية، مسلطا الضوء على أفضل وأسوأ نزعات أمتنا. فالنجاحات في عصر الحقوق المدنية لم يشهدها فقط الأميركيون الإفريقيون، وإنما شعرت بها كذلك مجتمعات الأقليات في أمتنا بأكملها، وبالمثل، وفي أثناء الحرب العالمية الثانية، اعتاد الأميركيون اليابانيون على الاعتقالات والاحتجازات ولكن منذ ذلك الحين، وهم يعملون في حماية المجتمعات الأخرى التي تعاني من أعمال التمييز والتعصب العرقي والإثني.

في أعقاب أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، وقعت مسئولية قيادة النضال من اجل حماية الحريات المدنية وحفظ أمن الوطن وردم الهوة المتزايدة بين الولايات المتحدة والعالم العربي على عاتق العرب الأميركيين.

وكوني ابنة لأب مهاجر لبناني، اهتممت دوما أن اضطلع على وضع المجتمع العربي الأميركي وأيضا على العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم العربي. كنت قد انتقلت بعد تخرجي من الجامعة إلى لبنان للعمل كمدرسة في «مؤسسة الامدايست»، وكان طلابي من مختلف الطوائف الدينية والإثنية وكانوا يستعدون لبدء دراستهم الجامعية.

أتاح لي التفاعل مع أولئك الطلاب الفرصة القيمة للتعرف على نظرة الشباب العرب تجاه بلدي. وبعد مناقشات طويلة، أدركت أن أسلوب معاملة العرب الأميركيين هو المساهم الرئيسي لتشكيل انطباعاتهم عن أميركا.

عندما يعاني العرب الأميركيون من جرائم الكراهية والتمييز، فهم يشعرون بالألم. وفي المقابل، تقبل مجتمعنا ونجاحه في الولايات المتحدة يثبت للعرب في الخارج احترام ثقافتنا وديانتنا وتاريخنا.

منذ العام 2002، والمعهد العربي الأميركي يقوم بإجراء مسح سنوي في ست دول عربية هي المغرب ومصر والأردن ولبنان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لتحديد الانطباعات عن أميركا والعوامل الرئيسية في تشكيل هذه الآراء.

وتبين الاستطلاعات التي أجرتها مؤسسة زغبي الدولية أنه وبينما ينظر العرب إلى الشعب والثقافة الأميركية نظرة ايجابية - على رغم انحدار هذه الأرقام باستمرار- فإن المواقف تجاه السياسة الأميركية الخارجية هي سلبية للغاية، تدفع بها أعداد المناصرين عامة إلى مستويات متدنية.

الخبر السار هو أن الغالبية الساحقة في معظم البلدان (على سبيل المثال أكثر من 70 في المئة في المغرب والأردن ولبنان) تقول إنها تود أن تتعرف على أميركي، وكثر هم الذين سافروا إلى الولايات المتحدة وأخذوا انطباعا ايجابيا من الزيارة. وللأسف، لم يحصل الكثير من العرب على فرصة لقاء شخص أميركي (تتراوح النسبة ما بين 14 في المئة فقط في السعودية و41 في المئة في الأردن) وأما الذين سافروا الى الولايات المتحدة فهم قلة قليلة (انخفضت النسبة من 22 في المئة من الإماراتيين إلى 9 في المئة فقط من المغاربة).

هنا يمكن أن يلعب العرب الأميركيون دورا مهما وحيويا. فخلال الحرب في لبنان هذا الصيف وما تلاها من اجلاء للمواطنين الأميركيين، أصابت الدهشة الكثير من الأميركيين عندما علموا أن أكثر من 000.25 من مواطنيهم يقضون الصيف بانتظام في لبنان. لم تكن هذه بمفاجأة للعرب الأميركيين الذين أبقوا دوما على تقليد زيارة بلدانهم الأصلية وعلى بناء العلاقات الايجابية بين بلادهم وبلاد أجدادهم. وفي الوقت نفسه، بالنسبة إلى غالبية الأميركيين الذين لم يسافروا أبدا إلى العالم العربي، فجيرانهم العرب الأميركيون لم يضيعوا الفرصة لأن يشاركوهم صفات النخوة وكرم الضيافة التي تميز الثقافة العربية.

فإن العرب الأميركيين سفراء على الصعيد الفردي، غير أنه يمكنهم ويجدر بهم أن يشاركوا في الحكومة.

نشرت مجموعة الدراسة العراقية حديثا أن من بين الألف موظف في السفارة الأميركية فى العراق، ثمة ثلاثة وثلاثون فقط يتكلمون العربية وستة منهم يتكلمونها بطلاقة. صحيح أنه ليس كل العرب الأميركيين يتكلمون العربية، لكن ثمة خصوصية ثقافيه ودينية تجمع بين عرب أميركا، بمن فيهم المسيحيون من العرب الأميركيين وهو ما لا يثمن بقدر الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لفهم والتصرف بمسئولية في المنطقة على نحو يفيد الأميركيين والعرب.

علاوة على ذلك، العرب والأميركيون عموما يهتمون اهتماما عميقا بالأسرة والتعليم، وتخصص اعداد كبيرة في كلا المجتمعين دور مهم ليلعبه الدين في حياتهم اليومية. فلماذا لا نسلط الضوء على القيم المشتركة لدينا بدلا من التركيز على المسائل التي نختلف بشأنها؟ على سبيل المثال، إذا قررت الولايات المتحدة تقديم المساعدة في اعمار لبنان من خلال بناء مدرسة في جنوب قرية بنت جبيل، فلماذا لا نرسل العرب الأميركيين الذين أتى والدهما من هذه القرية إلى تقديم المدرسة هدية من حكومتهم؟

اثر ذلك الوفد من العرب الأميركيين الحاصل على دعم واحترام من حكومتهم في جميع انحاء العالم العربي لا ينبغي الاستهانه به.

إن العلاقة القائمة بين الولايات المتحدة والعالم العربي في أزمة، أما صدقية أميركا فهي منخفضة.

ما نحتاج إليه هو بناء علاقة مختلفة، هذا لا ينطوي على تغيير في السياسة الخارجية فقط، بل ويشمل أيضا خلق مواقف مختلفة على الجانبين، يكمن في أن يقدم العرب الأميركيون صورة عن أميركا تكسب ثقة واعتراف العرب. فلنساعد في هذا الأمر.

* مديرة العلاقات الحكومية في المعهد العربي الأميركي والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1644 - الأربعاء 07 مارس 2007م الموافق 17 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً