جميل أن تكون النكتة سيدة موقف في السياسة. شريطة أن تبقى النكتة مجرد «نكتة»، أي ألا تتطور حد التحول إلى أن تكون في حد ذاتها مقاييس «سياسة» ثابتة. جميلٌ أيضا أن نقر / نعترف/ نفهم أن بعض الأشياء الميتة لا تستطيع العودة للحياة دائما، وأن الإصرار على البقاء في فلكها ليس أكثر من ضرب جسد ميت، ولكم في تاريخكم ذكرى «لا يضر الشاة سلخها بعد ذبحها».
وما بين النكتة في السياسة والسياسة في النكتة فاصل عريض من الإنزياح نحو أن نخلق بإرادتنا أو رغما عنا وظيفة جديدة للنكتة. هذه الوظيفة هي أن نمارس عبر النكتة أقسى أنواع صناعة اليأس، وبما يشمل في مستوى النتائج البكاء سرا والاحتراق من دون معنى.
سؤالنا المفتاح. لماذا تَصَنَع أعضاءُ الجمعيات السياسية في التحالف الرباعي الاهتمام والتفاعل مع المؤتمر الدستوري الذي عقدته جمعيات المعارضة حديثا، هذا أولا. أما ثانيا، ماذا يتأمل الجميع - التحالف الرباعي والخارجون عليه - من إنجازات أو تغيرات أو تحولات قد تطال الملف الدستوري خصوصا؟. وفي الزاويتين معا تختلط علينا «النكتة في السياسة» و «السياسة في النكتة» وتبقى مساحات الفهم مفتوحة.
يبدو لي، ولست خبيرا في السياسة. أنه لا وقت للتعديلات الدستورية اليوم إلا بتوافق داخل المجلسين النيابي والوطني، وأن التوافق داخل المجلسين هو توافق من نوع التوافقات الأسطورية.
أضف لذلك، أن «الوفاق» - الممثلة الوحيدة لجمعيات المعارضة في المجلس النيابي - مجبرة على المضي قدما في خيار المشاركة حتى النهاية. أما الأهم من هذا وذاك، فهو أن مجمل العملية السياسة الداخلية في البحرين أصلا باتت تتجه نحو المزيد من التعقيد والتعقيد المضاد. ولا يبدو أي طرف من الأطراف مستعد للسماع والكلام/ للتحاور/ للتفاهم/ للتباحث/ للاتفاق مع الطرف الآخر.
لا أريد من هذا السياق أن أصنع رسالة مفادها انتهاء الملف الدستوري برمته. غير أني أعتقد أن الاستمرار وفق آلية الأمانة العامة الدستورية ومؤتمرها السنوي ليس أكثر من نكتة. وإذا ما أرادت المعارضة برمتها المضي قدما في هذا الملف فعليها أن تحاصر جمعية الوفاق - الممثل الوحيد للمعارضة داخل المجلس كما أرادت - للدخول بملف التعديلات الدستورية للمجلس النيابي لحلحلته عبر توافق وطني داخل المجلسين، وبما يشمل تفعيل آليات عمل جديدة خارج المجلسين. أم الاستمرار في فعالية المؤتمر السنوي (للذكرى) فهي لا تزيد في واقع الأمر عن «نكتة» لا تبعث أصلا على الضحك.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1643 - الثلثاء 06 مارس 2007م الموافق 16 صفر 1428هـ