هل هو حلمٌ أم تهويمةٌ أم خيال؟ على كل حال... إنه الطريق الوحيد لإنقاذ المنطقة من الفخ الذي نصبه الأميركان لتقع فيه جميع دول المنطقة. فأمام الوفرة المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط، لابد من إشعال حربٍ جديدةٍ لتكتوي بها منطقتنا وشعوبنا، وتسدّد دولنا فاتورة الحرب والدمار.

المخطط واضحٌ وخطيرٌ جدا منذ أمد بعيد، وبالأمس نقلتُ ما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله للصحافي الأميركي الشهير سيمور هيرش: «أستطيع أن أؤكّد لك أن السعودية ستُقسّم أيضا، وأن المسألة ستطال دول شمال إفريقيا، وستصبح (إسرائيل) أهم وأقوى دولةٍ في منطقةٍ تجزّأت إلى دولٍ إثنية... هذا هو الشرق الأوسط الجديد».

ما حذّر منه نصر الله، سبق أن سمعه هيرش من مارتن انديك (المسئول بالخارجية الأميركية في عهد كلينتون، والذي عمل سفيرا لبلاده في «إسرائيل»)، من ان «الشرق الأوسط يتجه نحو حرب باردة خطيرة بين السنة والشيعة. والبيت الأبيض لا يضاعف رهانه في العراق فحسب، بل يضاعف المراهنة عبر المنطقة كلها، وذلك قد يصبح شديد التعقيد». وهو تتويجٌ لفشل السياسة الأميركية المتغطرسة في العراق.

هذا الفشل الذي أراد تقرير بيكر - هاميلتون أن يجد مخرجا منه، رفضت إدارة بوش الاعتراف به، والإيغال في التهويل ودق طبول الحرب. وفي الأسابيع الأخيرة «أطلقت حملات إعلامية عن تورّط إيران في حرب العراق، وكان جوهر رسالتها أن الوضع السيئ في العراق لم يكن نتاجا لفشلها في التخطيط والتنفيذ، بل بسبب التدخل الإيراني» كما يقول هيرش.

في هذا المنحدر الذي يتم دحرجة المنطقة إليه نحو الفتنة المذهبية، قال مسئول استخباراتي سابق: «إننا في خضم برنامج من أجل تعزيز القدرة السنية على مقاومة النفوذ الشيعي، كما اننا نوزّع المال هنا وهناك بقدر ما نستطيع». بل إن مستشارا في الكونغرس أشار إلى التمويل السري بقوله إن «هناك الكثير من الأموال السوداء موزعة في عدد من الأماكن ومستخدمة حول العالم في مهمات مختلفة». وبحسب مسئول سابق في الاستخبارات الأميركية فإن الفوضى الموجودة في العـراق والتلاعب الأميركي بميزانيتها، إذ لا يتم احتساب مليارات الدولارات، هي وسيلة لمثل هذه التحويلات.

إذا كان هذا هو حجم وأبعاد المؤامرة، فإن أي تقارب سعودي إيراني يجب أن يلقى كل ترحيب وتقدير من شعوب المنطقة، فهي التي ستدفع فاتورة الحرب الأميركية الجديدة من قُوتِها وصحّتها وتعليم أطفالها ومستقبل أجيالها.

في 25 يناير/كانون الثاني الماضي، عندما عزمت المعارضة في لبنان اتخاذ خطواتٍ تصعيدية، اجتمع بندر بن عبدالعزيز مع علي لاريجاني في طهران لاحتواء التصعيد، في بلدٍ يقف على حافة الانفجار ويخضع لما يشبه الوصاية الدولية. وفي فلسطين المحتلة، بعد أن تفجّر الصراع الدموي بين الأشقاء الفلسطينيين الرازحين تحت الاحتلال، بادرت السعودية إلى احتواء الموقف وضغطت على الجانبين لتوقيع اتفاق مكة. وكل مبادرةٍ من شأنها إيقاف سفك الدم المسلم تكون مقدّرة، وينبغي ألا يخرج عن هذه القاعدة الدم العراقي.

اللقاء الأخير بين الملك عبدالله والرئيس نجاد، وما صدر عنه من مؤشرات إيجابية في اتجاه حفظ الدم العراقي، من شأنه أن يلقى كل ترحيبٍ من جميع الدول والقوى الإسلامية، بشرط ألاّ يكون لتقطيع الوقت، فالوضع الكارثي الذي تنذر به أية حربٍ أميركيةٍ جديدة، لن ينجو من نيرانه حتى المتفرجون.

إننا كشعوب، لا نحلم بحلفٍ أو تحالف إيراني سعودي، فتلك أمنيةٌ مستحيلةٌ أو تهويمةٌ من الخيال... فلا أقل من البحث عن مخرج طوارئ، فالكارثة إذا حلّت بساحتهم فساء صباح المُنذَرِين!