العدد 1642 - الإثنين 05 مارس 2007م الموافق 15 صفر 1428هـ

سرطان التضخم

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

عندما نتكلم في المجال الطبي عن سرطان مستشري في جسم الإنسان وأعوذ بالله، فإن الأسلوب المتبع عادة لمواجهته، وخوفا من استفحاله، يوصي الطبيب المعالج باستئصال العضو المصاب به، بأسرع وقت ممكن، حتى وإن كان الموضع جدا حساس في المرحلة الأولى، للحفاظ على حياة المريض، وإعادة تأهيله للحياة من جديد بواسطة الأدوية المتبعة كالكيمياوي وغيرها من عقاقير وأنظمة طبية في المرحلة الثانية.

لا ندع معرفتنا بالجانب الطبي وكل ما نملكه من معلومات طبية بسيطة جاءت من خلال السرطانات المنتشرة والحالات الكثيرة التي يكاد لا يخلو بيت من وجود مصاب بها، كذلك الحال بخصوص الموضوع الذي سنتكلم عنه، وتكلمنا عنه كثيرا وسنظل كذلك إلى أن يحلحل بالشكل الذي يتناسب مع حجم أهميته.

من خلال التشخيص الحالي والمتابعات يتضح وبشكل فاقع أن هناك حالا فظيعة من التضخم والغلاء المستشري مثله مثل السرطان الذي تكلمنا عنه، الفرق أنه اجتاح كل شيء وكل مكان لدرجة أنه يتعذر فيها الالتزام بالآلية المتبعة في مواجهة السرطان، وبالتالي صعوبة اللجوء إلى الاستئصال، فالتضخم بلغ ذروته، وبلا من استخدام آلية أخرى لمواجهة حال التضخم السرطاني تم الاكتفاء بالأسلوب المتبع في المرحلة الثانية وهو استخدام الكيمياوي والعقاقير الطبية المسكنة (البندول)، فما علاوة الغلاء المعيشي الـ 20 دينارا المطروحة إلا أحد العقاقير المسكنة للألم ومدة العلاج تمتد لتشمل ثلاثة أشهر من بدء المرض.

بعض التجار، سامحهم الله، ما أن سمعوا بأن هناك تضخما وغلاء في المعيشة، حتى تنافسوا وتباروا فيما بينهم في رفع أسعارهم واستغلال الوضع المرضي لصالحهم ولتحقيق مصالحهم الخاصة، ضاربين بعرض الحائط مصالح الناس وأوضاعهم المعيشية المزرية، فارتفعت حينها العقارات بشكل جنوني، وزادت أسعار السلع الاستهلاكية تباعا، وبقت الرواتب تراوح مكانها.

في العادة، وكما هو معروف عندما ترتفع الرواتب وتتحسن الظروف المعيشية، يأتي تباعا ارتفاع الأسعار والسلع الاستهلاكية، وفي بعض الدول تخشى زيادة رواتبها فتزداد الحياة غلاء.

هنا في البحرين تحدث الكثير من الاشياء بالمقلوب، ففي الوقت الذي يصرخ فيه الناس بأهمية تحسين رواتبهم، خصوصا مع أرتفاع أسعار النفط، تأتي موجة التضخم والغلاء، قبل تحقيق المطالب.

الآن هناك عريضتان مفتوحتان أحداهما للعمال ومن هم على الدرجات الاعتيادية منظمة من قبل الاتحاد العام للنقابات العمالية وتطالب برفع رواتبهم بنسبة 15في المئة، والأخرى لتحسين رواتب قطاع التعليم وتحديدا المعلمين وتدار بواسطة جمعية المعلمين البحرينية وتطالب برفع رواتب المدرسين إلى 20 في المئة على الأقل.

الناس على كل حال تترقب المشهد وتنشد الإصلاح الاقتصادي والمعيشي، لضمان العيش الكريم، وبات حديث التضخم والغلاء حديث الساعة في المجالس، والمقاهي الشعبية والتجمعات الشبابية، وبدأت الناس تتحسس من ارتفاع الأسعار بل وتلاحظها.

في الأسبوع الماضي بدأت أرصد ظاهرة الغلاء، وكانت نتيجة الرصد أن تفاجأت ثلاث مرات.

المرة الأولى كانت عندما ذهبت إلى معرض البحرين الدولي للحدائق فكانت النتيجة أن سعر تذكرة دخول المعرض قد أرتفع من نصف دينار إلى دينار واحد، أي الضعف، وبدأت أحدث البائع هل زادت رواتبكم على أثر زيادة التذاكر؟ فكانت الإجابة: طبعا لا، قلت له: ولا نحن لم تزد رواتبنا دينارا واحدا، فما الذي حدث لكي تزيد سعر التذكرة الضعف؟، بعدها قلت له ماذا سنرى في الداخل هل هناك زهور من ذهب أو من فضة؟ أم ما القصة؟

اشتريت التذكرة وازددت حماسا لأرى الفرق، ولكنني لم أر شيئا جديدا عن العام الماضي يستحق زيادة سعر التذكرة إلى الضعف.

المرة الثانية عندما اتجهت إلى المطعم الذي اعتدت شراء «الحمص» منه فوجدت سعره قد زاد 100 فلس في العلبة الواحدة، قلت في نفسي حتى الحمص أصابه سرطان التضخم؟ متسائلة ايضا في نفسي هذه المرة ما السبب وراء زيادة سعره مرة واحدة فهل الحمص نفسه زاد سعره؟

وإذا كان كذلك فهل يعقل أن يتأثر سعره إلى الحد الذي يزيد فيه 100 فلس في العلبة الواحدة؟، أم أن الموجة جاءت لتأخذنا معها؟

المرة الثالثة عندما تسلمت رسالة على بريدي الالكتروني من أحد القراء إذ ترك تعليقا أرفقه كما جاء:

«في الوقت الذي ازدادت فيه الاسعار وتدنت فيه الرواتب نسبيا، كنا ننتظر تخفيض رسوم الكهرباء والبلدية، فإذا بخطاب رسمي يأتي من بلدية المنطقة الوسطى قسم الإيرادات يشعرنا فيه بتعديل الرسوم البلدية من دينارين إلى (50) خمسين دينارا.

أهذا هو التخفيض المرتقب؟».

الأمر مؤكد طبعا من صاحب التعليق، لكن نحتاج أيضا إلى إيضاح من قبل الجهات المعنية، فهل يعقل مثلا أن تعدل الرسوم البلدية من دينارين إلى 50 دينارا؟، بدلا من التفكير في إلغائها كبقية الدول الأخرى، نزيد عليها 48 دينارا؟

كم 50 دينارا في رواتب المواطنين لكي تفرض رسوم بلدية 50 دينارا عليهم؟

ومن قال بأن الخدمات التي تقدمها البلدية إلى المواطنين تستحق أكثر من 500 فلس في الشهر؟، لكي نفكر في رفع الرسوم؟، وعلى أي أساس استند قرار رفع الرسوم؟.

الطامة الكبرى أن الزيادة السنوية لموظفي الدولة التي ينتظرها الجميع بفارغ الصبر والتي لا تتجاوز الـ 3 في المئة في أحسن الظروف والأحوال لن تصل إلى 50 دينارا، فكيف لنا أن نزيد من رسوم البلدية إلى خمسين دينارا؟.

أعتقد بأنه لو فكرت البلدية في زيادة الرسوم إلى خمسة دنانير وليس خمسين دينارا فان الامر سيكون مستهجنا من الجميع، خصوصا مع تردي الخدمات البلدية، فما بالكم عندما نتكلم عن زيادة غير معقولة وخدمات لا أثر لها؟.

الم أقل لكم بأن سرطان التضخم لا يمكن استئصاله لأنه بات في حكم المؤكد مستشري، وعليكم بالكيمياوي تقتلون من خلاله أحلامكم الوردية، وحذار من المسكنات الآنية، فلا فائدة من ورائها طالما بقي السرطان بلا علاج.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1642 - الإثنين 05 مارس 2007م الموافق 15 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً