المؤتمر السنوي الثاني عشر لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية (المنعقد بين 5 و7 مارس/ آذار الجاري) ناقش موضوع «النظام الأمني في منطقة الخليج العربي»، وكيف تأثرت منطقتنا سلبا بعد غزو العراق في 2003، وازدياد القوات الأميركية وغيرها من القوات في منطقة الخليج، وازدياد نشاطات الحركات المتطرفة، وكان من نتائج ذلك بروز إيران قوة إقليمية بعد انهيار عدوَّيها في العراق وأفغانستان وكيف أصبح موضوع الملف النووي الإيراني محورا لمزيد من التوتر.
المؤتمر نظر إلى الاتفاقات الاقتصادية والتجارة الحرة من زاوية أخرى تتداخل مع مفهوم الأمن الوطني، وهو الأمن الذي لا يمكن أن يتحقق من دون تكامل مع القوى الدولية والإقليمية على أساس احترام سيادة الدول وتعزيز الأمن والاستقرار وفسح المجال أمام برامج التنمية.
العراق، أفغانستان والصومال نماذج مرعبة تحيط بالمنطقة وهي تشير إلى ما يمكن حدوثه بعد انهيار النظام... وفي الفترة الأخيرة تبرز الحاجة إلى مفهوم تحقيق الأمن الوطني من خلال التجمعات الإقليمية، الاقتصادية أو الدفاعية، وهذه التشكيلات المتعددة القومية تتطلب التخلي عن جزء من السيادة القومية؛ لتعزيز المصالح المشتركة.
الاعتراف بالمصالح المشتركة والدخول في تشكيلات متعددة القومية تقوم على مفهوم «القوة الناعمة» (Soft Power) وهي بإمكانها أن تحقق الأمن من دون الحاجة إلى الأسلوب الذي تتبعه الولايات المتحدة، الذي يعتمد على القوة الضاربة (Hard Power). وعليه، إن دول الخليج بحاجة إلى أن تنظر إلى الخيارات أمامها وهي تمر في مرحلة انتقالية تعاني من خصوصياتها، مثل كثرة العمالة الوافدة، والاعتماد على أميركا لحفظ الأمن الخارجي واعتماد العالم على احتياطي الطاقة المتوافر فيها.
إيران برزت أخيرا على أساس مواجهة مفهوم القوة الضاربة الأميركية، وهذا التوجه له عواقبه الوخيمة على المنطقة... ولايزال الخيار الآخر المعتمد على التعددية في المنظومة الأمنية والقوة الناعمة غير مطروح في البعد الاستراتيجي للمنطقة، وهو ما قد يؤدي إلى مزيد من الحروب والهدر في الثروات التي تأكلها آلات الحرب والاستعدادات العسكرية التي تنهك البيئة وتستنزف الإمكانات الاقتصادية وأثبتت أنها لا تحقق الأمن والاستقرار المنشودين.
عبدالرحمن العطية اعتبر الممارسات الإسرائيلية واختراق القوانين الدولية وقرارات الشرعية الدولية مؤدية إلى ازدياد الإحباط في الشرق الأوسط، وأدت إلى تفاقم حدة المشكلات الاقتصادية والسياسية وفشل برامج التنمية... ومنطقة الخليج تتسم في حال عدم توازن بين العناصر الإقليمية وشهدت المنطقة الحروب الطاحنة وأصبحت التهديدات الأرضية أكبرَ وانتشرت الفتنة الطائفية في العراق من دون أن تحقق جنة الديمقراطية التي بشَّرت بها أميركا في العراق وغيرها، وهو ما يدعو إلى شراكة أمنية مختلفة تلبي تطلعات المنطقة.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1642 - الإثنين 05 مارس 2007م الموافق 15 صفر 1428هـ