سيمور هيرش كاتب شهير في مجلة «نيويوركر». اشتهر بالتحقيقات الصحافية الجريئة، التي كشف من خلالها الكثير من فضائح السياسة الأميركية، وأهمها فضيحة «أبوغريب» في العراق المحتل. وهو الحائز على أكبر جائزة أميركية للصحافة «بوليتزر».
في الفترة الأخيرة نقل عن مسئولين أميركيين (حاليين وسابقين) قولهم إن حكومة بوش تخطّط لقصف مواقع نووية في إيران للحيلولة دون حصولها على قدرات قد تمكّنها من تطوير أسلحة نووية، وهو ما يفنّد رغبة إدارة بوش في حل الأزمة بالطرق الدبلوماسية، والنتيجة تهمنا كخليجيين لأننا أول من سيدفع الثمن.
في الأسبوع الماضي، كتب هيرش تقريرا طويلا في أكثر من 6660 كلمة، (نحو ثلاث صفحات كاملة من هذه الصحيفة)، كشف فيه الكثير من خبايا وخفايا السياسة في منطقتنا، حتى ليشعر القارئ أننا أصبحنا -شعوبا وحكومات - أهون من قطع الشطرنج.
يقول هيرش: «في ليلةٍ دافئةٍ وصافيةٍ، في أكتوبر الماضي، في ضاحية طاولها القصف،وافق الأمين العام لحزب الله على إجراء مقابلة معي. كانت الترتيبات الأمنية سريّة ومتقنة. تمّ اقتيادي، عبر المقعد الخلفي لسيارة مموّهة بزجاج داكن، إلى مرآبٍ مدمّر تحت الأرض. أخضعت للتفتيش بجهاز مسح يدوي، قبل أن أنقل بسيارة أخرى إلى مرآب مدمّر أيضا». وفسّر هذه الإجراءات بما نقله عن مساعدين لنصر الله أنّه كان هدفا لإسرائيل ولأطراف عربية، خصوصا استخبارات (...)، بالإضافة إلى متشدّدين يتبعون تنظيم «القاعدة».
ثم يصف بداية اللقاء فيقول: «كان بانتظاري في شقةٍ عادية، مرتديا كالعادة زيّه الديني. وقال لي أحد مساعديه إنّه لن يبقى في المكان حتى الصباح، وإنّه يتنقل باستمرار منذ أن قرّر في يوليو الماضي أسر جنديين في عملية عابرة للحدود».
نصر الله اتهم إدارة بوش بالعمل مع «إسرائيل» على التحريض المتعمّد على الفتنة بين المسلمين، قائلا: «هناك حملةٌ ضخمةٌ في الإعلام على امتداد العالم لجعل كلّ طرفٍ يقف ضد الآخر». وأشار إلى أن بوش يهدف إلى «رسم خريطةٍ جديدةٍ للمنطقة»، وأنّ الحرب الأميركية على العراق زادت من التوترات الطائفية، «فالأميركيون يريدون تقسيم العراق... وهناك حرب أهلية، وعمليات تطهير عرقي وطائفي، والقتل والتهجير يستهدف إقامة ثلاثة أقاليم على أسس طائفية وعرقية كمقدمة لتقسيم العراق».
وتنبأ نصر الله أنه خلال سنتين على الأكثر، ستكون هناك مناطق سنية بالكامل وأخرى للشيعة وأخرى للأكراد، وحتى في بغداد هناك مخاوف من أن تقسّم المدينة إلى منطقتين سنية وشيعية. ويتابع «إنّ الرئيس بوش يكذب عندما يقول إنّه لا يريد تقسيم العراق، فكل الوقائع على الأرض تؤكد أنّه يجر العراق باتجاه التقسيم، وسيأتي يوم يقول فيه: لست قادرا على القيام بأي شيء طالما أن العراقيين يريدون تقسيم بلادهم وأنا أحترم إرادة الشعب العراقي»!
الأخطرما ذهب إليه نصر الله من أنّ اميركا تريد أيضا تقسيم سورية ولبنان، وستكون النتيجة دفع سورية باتجاه الفوضى والحروب الداخلية، أما في لبنان فستكون هناك دولة سنية، وعلوية ومسيحية ودرزية... ولا أعلم ما إذا كان سيصبح هناك دولة شيعية. والتجزئة ستترك حول «إسرائيل» دولا صغيرة هادئة. وأضاف مخاطبا هيرش: «أستطيع أن أؤكد لك أن السعودية ستقسم أيضا، وأن المسألة ستطول دول شمال إفريقيا، وستصبح (إسرائيل) أهم وأقوى دولة في منطقةٍ تجزأت إلى دول إثنية... هذا هو الشرق الأوسط الجديد».
هذا ما حذّر منه حسن نصر الله... نواقيس خطر قرعها البطل العربي الوحيد الذي أذاق «إسرائيل» طعم الهزيمة، فهل تستيقظ الأمة الإسلامية من غيبوبتها لتعرف العدو من الصديق؟
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1641 - الأحد 04 مارس 2007م الموافق 14 صفر 1428هـ