في مارس/ آذار من هذا العام يتقاعد أكثر من مليوني عامل ياباني. وفي مارس المقبل سيتقاعد أيضا نحو 2.5 مليون آخرون، وفى العام 2050 تنخفض الأيدي العاملة بنسبة ثلث ما هي عليه الآن. وهذا يعني أن اليابان، بخلاف دول كثيرة أخرى، ستواجه نقصا في اليد العاملة الشابة بدلا من تفشي البطالة في صفوفها. وهناك اتجاه قوي داخل المؤسسة الحكومية والمؤسسات العمالية يرى أنه لم يعد أمام الحكومة إلا التوجه إلى التعاقد مع المتقاعدين.
ولمواجهة هذه المشكلة المعقدة والمتنامية، سارعت الحكومة اليابانية إلى اللجوء إلى سلسة من التدابير، منها تأجيل سن التقاعد الاجباري إلى 65 سنة بدلا من 60 المعمول بها في غالبية الشركات، وإرجاء بداية صرف معاشات التقاعد إلى سن 65 أيضا، ثم تدريب المتقاعدين لتأهيلهم لوظائف جديدة.
ذلك كان بعضا مما نقلته النشرة العربية في وكالة الأنباء العالمية (http://www.ipsinternational.org/arabic).
لكن مما يزيد من مخاوف الحكومة اليابانية وقلقها هو نتائج الإحصاءات السكانية التي تتوقع انخفاض عدد المواليد ومن تقلص عدد السكان وارتفاع عدد المُسنين. الأمر الذي يعني شحة موارد خزان الموارد البشرية المستقبلية التي يحتاجها الاقتصاد الياباني.
ويثير تقلص عدد سكان اليابان قلقا بشأن إمكانات النمو الاقتصادي للبلاد وقدرة البلاد على تمويل احتياجات العدد المتزايد من المستفيدين من معاشات التقاعد. وخصوصا في ظل المنافسة الشديدة مع اقتصاديات إقليمية متسارعة النمو أخرى مثل الصين والهند، ناهيك عن تلك الصغيرة مثل كوريا وتايوان. وجميعها تشهد إلى جانب نموها الاقتصادي خصوبة نسوية عالية.
إذ تظهر التقديرات التي استندت إلى الأرقام الأولية الواردة من المكاتب البلدية، أنه على رغم أن عدد مواليد العام 2006 زاد على الأرجح عن العام السابق بنحو 23 ألفا ووصل إلى مليون و86 ألف شخص، لكن تلك ستكون أول زيادة خلال ست سنوات.
ونقلت «رويترز» أن أرقام وزارة الصحة اليابانية قد أظهرت أن معدل الخصوبة لدى نساء اليابان الذي يُقاس بعدد الأطفال ممن تنجبهم المرأة اليابانية قد انخفض إلى معدلات قياسية خلال العام 2005 وبلغ 1.26 لكنه بدأ الآن في الصعود خلال العام 2006.
وأعلنت وزارة الصحة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي أن من المتوقع أن يزيد معدل الخصوبة في اليابان في العام 2006 إلى 1.29. لكنها قالت أيضا إن من المتوقع أن يعاود المعدل انخفاضه في العام 2007. ويقول خبراء السكان إن اليابان بحاجة إلى معدل يصل إلى 2.1 لوقف تراجع عدد السكان في البلاد.
وكشفت البيانات أيضا ارتفاع عدد الزيجات خلال العام 2006 لأول مرة منذ خمس سنوات إذ وصلت الى 732 ألف زيجة بزيادة قدرها 18 ألفا عن العام الماضي. وأرجع مسئولون في وزارة الصحة اليابانية الزيادة في عدد المواليد وفي عدد الزيجات جزئيا إلى انتعاش الاقتصاد وتحسن الدخول.
وذكرت «رويترز» أيضا أن اليابان التي بها أكبر عدد من المسنين في العالم وأقل نسبة من الشبان تشهد تراجعا في عدد السكان منذ العام 2004.
ولهذا السبب اتجهت اليابان نحو المسنين من أجل تغطية النقص الحاصل في الموظفين إذ يقول هيرانو وهو رئيس وكالة توظيف مايستار 60 كوربا، إن هناك طلبا متزايدا على من يسمون بالعمال «ذوي الشعر الفضي» مع تقدم متوسط الأعمار في اليابان.
وأكد هيرانو الذي تتخصص شركته في إيجاد وظائف لمن يبلغون من العمر 60 عاما أو أكثر «أفضل مهندسي وفنيي اليابان يتركون المصانع والمكاتب للتقاعد.» وأضاف هيرانو (63 عاما) «تدرك الشركات أن توظيف كبار السن السبيل الوحيد للمحافظة على مستويات عليا من المهارة والخبرة». وتنامت المخاوف من نقص العمالة وعجز في العمالة الماهرة في اليابان مع بدء بلوغ مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية سن التقاعد وهو 60 عاما فيما تصفه وسائل الإعلام اليابانية «بمشكلة 2007». وتتفاقم المخاوف مع تراجع عدد العاملين في سن الشباب وارتفاع متوسط الأعمار بوتيرة غير مسبوقة.
ويوجد في اليابان فعلا أعلى نسبة لمن تجاوزوا الخامسة والستين من العمر إلى تعداد السكان وتبلغ 20 في المئة من إجمالي عدد السكان البالغ 127 مليون نسمة. ويتوقع أن تصل النسبة إلى 40 في المئة في العام 2055. ويعني تغير الهيكل السكاني أن تسعى الشركات لإبقاء كبار السن في العمل لسنوات أطول.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1641 - الأحد 04 مارس 2007م الموافق 14 صفر 1428هـ