عندما يتحدث البحرينيون هذه الأيام عن الأزمة الإسكانية، فإننا عادة ما نفكر كيف يمكننا مساعدة الذين يعانون من عدم توفر السكن الذي يضمن حياة أكثر كرامة، في حين أن المتصدين للموضوع الإسكاني يتحدثون عن الأزمة بصفتها أكثر خطورة لأنها لا تمس مجموعة قليلة من الناس، وإنما تمتد آثارها إلى عشرات الآلاف من الأسر التي تنتظر منذ أكثر من 15 عاما، وهذا الانتظار كان يستمد صبره من وجود أمل بتحقيق حلم الحصول على وحدة سكنية حتى ولو بعد حين.
القصص التي يستعرضها النواب والبلديون عن الوضع الإسكاني مخيفة جدا، فهناك تكدس بشري في غرف صغيرة، وهذا التكدس يبدو أنه في طريقه إلى الازدياد لأن الحلول أو الموازنة المطروحة حاليا لا يمكنها بأي حال من الأحوال حل هذه الأزمة المتفاقمة.
كثيرون هم الذين يتصلون بنا في الصحافة ويترجوننا أن نكتب معاناتهم لكي تصل إلى القيادة السياسية، وهؤلاء الذين يتحدثون عن مشكلاتهم ليسوا ممن يبحث عن المناكفة، وإنما هم أناس عاديون يكتفون بأقل قدر من مستوى المعيشة والمأوى بما يضمن كرامتهم وإبعادهم عن الهاوية التي تنتظرهم مع استمرار هذا الوضع.
إن الأزمة الحالية بحاجة إلى معاينة وتفحص ومراجعة من قبل القيادة السياسية، إذ إن سبب استمرار هذه الأزمة، واقتراب تحولها إلى مصيبة، لا يعود إلى شحة في الموارد المالية أو في الأراضي... فالبحرين من أغنى بلدان العالم بحسب ما تذكره الإحصاءات الرسمية عن معدل دخل الفرد السنوي، والأراضي المستخدمة في البحرين مازالت قليلة جدا، ربما لا تتعدى ربع ما هو متوافر فعلا. والمشكلة أن النواب والبلديين يقولون إن أراضي المدينة الشمالية التي دفنت للتو أصابها الضياع الذي أصاب غيرها من أراضي البحرين الواسعة.
الأزمة تنذر بتحولات غير حميدة، وهي أزمة لها علاقة بطريقة استخدام الموارد المتاحة لنا، أي أننا نستخدمها بطريقة غير قابلة للاستدامة، لأن استدامتها تعني تعزيز الحال السيئة للوضع الإسكاني وتعني استنزاف الموارد المتاحة لنا بشكل قد يؤدي إلى كارثة للأجيال المقبلة.
إن الآثار السلبية لاستمرار الأزمة الإسكانية لا يتمثل فقط في انتشار الإحباط لدى فئات واسعة من أبناء البلد، وإنما يتعدى ذلك إلى احتمال التأثير على برامج وخطط التنمية التي طرحت رؤية لها حتى العام 2030، إذ إن هذه الرؤية، وكما قال جلالة الملك، هدفها كرامة المواطن... ومن دون شك فإن إزالة الظروف المهينة للكرامة البشرية تتطلب، مثلا، أن يتحول حلم الحصول على وحدات سكنية في المدينة الشمالية والمشروعات الإسكانية الأخرى إلى واقع ملموس، ونعتقد جازمين أن الإنفاق في هذا المجال هو الضمان الأكبر لنجاحنا مستقبلا
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2249 - السبت 01 نوفمبر 2008م الموافق 02 ذي القعدة 1429هـ