العدد 1639 - الجمعة 02 مارس 2007م الموافق 12 صفر 1428هـ

جوزيف ومي وحازم الذين عرفتهم

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

لعلها أشبه بالتراجيديات الإغريقية هذا الذي حدث في لندن، مي غصوب صاحبة دار الساقي المعروفة، تتوفى في لندن، جوزيف سماحة الكاتب المعروف والصديق الحميم للفقيدة مي وزوجها حازم صاغية، يترك مسئوليته الثقيلة كرئيس لصحيفة «الأخبار» في وسط دوامة التطورات الِخطيرة في لبنان ويتوجه إلى لندن لمواساة صديق العمر حازم في فقدان رفيقة عمره مي غصوب، ويسكن في شقته في صباح الليلة الثانية لوجوده في لندن وسط الأحزان لا يستيقظ جوزيف وعندما يذهب حازم لتفقده يجده قد فارق الحياة، فكأنما تعجل حازم اللحاق بمي، وأضحت مصيبة حازم أكبر في رفيقة العمر وصديق العمر.

عرفت الأصدقاء الثلاثة؛ جوزيف سماحة ومي غصوب وحازم صاغية في فترات متفرقة وأماكن متباعدة لكن خيطا يجمع الثلاثة، قيل الكثير عما يجمعهم وخيوط المحبة التي جمعتهم.

عرفت جوزيف سماحة في صحيفة «النهار» خلال الثمانينات أولا، ثم كنائب لرئيس تحرير صحيفة «السفير» في بيروت خلال التسعينات، وعرفته في باريس في صحيفة «اليوم السابع» خلال السبعينات. جوزيف سماحة على رغم مشاغله، كمسئول أساسي في الصحف الثلاث فإنني حين أتصل به لا يتردد أن يستقبلني في مكتبه أو في مقهى قريب. كنا حينها نبحث عمن يقبل أن يكتب عن قضيتنا عن نضال شعبنا وسط ظروف الحصار السياسي والإعلامي. كان عنده الوقت والرغبة لكي يتسمع بإنصات واهتمام، وأحيانا يحيلني إلى أحد الصحافيين المتخصصين لعمل مقابلة أو كتابة مقال.

جوزيف سماحة يساري وقومي مهموم بقضايا الأمة، لا يساوم ولا يقبل أن يتعامل أي عربي مع الولايات المتحدة و«إسرائيل» بغض النظر عن المبررات.

مي غصوب عرفتها عن طريق الصديق المرحوم راشد لملوم والذي كان يأخذ لها كتب المعارضة البحرينية المطبوعة في بيروت لبيعها في مكتبة الساقي في لندن، وعلى رغم أنها كتب متقشفة وغير جذابة، فإنها لا تتردد في عرضها إلى جانب الكتب الأخرى المغرية.

في كل مرة أذهب إلى لندن كنت أحرص على أن أمر على مكتبة الساقي وأتجاذب أطراف الحديث معها وكانت تنصت وتستمع على رغم مشاغلها الكثيرة كمسئولة عن دار نشر كبرى ومكتبة نشطة. يكفي أنها قبلت أن تعرض كتب المعارضة البحرينية في حين امتنعت مكتبات أخرى عن ذلك. حازم صياغة تعرفت عليه عندما كان في صحيفة «السفير» في بيروت، ثم في صحيفة «الحياة» في لندن، كما التقيته لماما في بعض المؤتمرات العربية المتعلقة بالإصلاح والديمقراطية. حازم صياغة تحول إلى ليبرالي بعد أن كان يسارياَ، وله آراء قاسية في التيار القومي والإسلامي وما يسمى الأنظمة الوطنية، لكنه على رغم الخلاف السياسي معه، فإنه لم يتردد عن التعاطف مع قضية شعب البحرين في النضال من أجل الديمقراطية والحرية، بطريقته الخاصة.

عرفت الثلاثة ضمن من عرفت من صحافيين لبنانيين شرفاء، فرقت بينهم الحرب الأهلية اللبنانية، وتوزعوا في أصقاع الأرض، واضطروا أحيانا إلى العمل في مؤسسات صحافية تموّلها فوائض النفط. لكنهم لم يفرطوا في مبادئهم.

للصديق حازم صاغية، ولعائلتي جوزيف سماحة ومي غصوب أحر التعازي...

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 1639 - الجمعة 02 مارس 2007م الموافق 12 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً