من الدول التي دخلها الإسلام فاتحا قلوب أهلها بالأفكار وليس بالجيوش، إندونيسيا. ولعب التجار القادمون من اليمن وجزيرة العرب وفارس بسماحة أخلاقهم دورا في إقناع أهل تلك المناطق بالإسلام، إذ عاشوا معهم وتزوجوا منهم وأنجبوا، وبعض ذراريهم أصبحوا الآن وزراء هناك.
اليوم، يهاجر بعض رجالهم للخليج طلبا للرزق، وتهاجر بعض نسائهم للعمل خادماتٍ في البيوت، ولولا الحاجة وضيق فرص العمل في بلادهم لما تغرّبوا عن الأهل والأوطان.
هذه العمالة المهاجرة تقوم بأعمالٍ يترفّع عن القيام بها الخليجي، وتقع اليوم ضحية للنظرة العنصرية والمعاملة غير الإسلامية. الكاتب السعودي خالد باطرفي كتب ينتقد مقالا لكاتب سعودي آخر يحمّل عمالة آسيوية مسلمة كل جريمة وتعدٍّ وسقوط أخلاقي وضرر اقتصادي في السعودية، وطالب بمنع استقدامهم. وذكّر ببعض أشكال العنصرية العربية «الأصيلة» في بلاده، فابن القبيلة «الأعرق نسبيا يُطلّق أخته من ابن القبيلة الأقل نسبا».
باطرفي يضيف: «حتى لو تناسينا أننا مسلمون مأمورون بالعدل والمساواة والأخوّة الإسلامية، ومسئولون أمام الله عن الضيوف، وأننا عربٌ أهل كرمٍ وشهامةٍ وحُسنِ ضيافة... فالكاتب الذي حمّل العمالة المعنية كل مساوئ المجتمع، شكا من أن ابنه صار يسكر من خمور تصنعها هذه العمالة». وتساءل: «أين ذهبت تربيتك لابنك؟ من المسئول عن انحرافه؟ بائع المُسكر أم أنت وتربيتك له؟»
كاتب آخر كويتي، يعمل باحثا شرعيا بوزارة الأوقاف، يبدأ مقاله على طريقة عيدي أمين: «يا أيها الشعبان الكويتي والسعودي... فكّروا ألف مرة قبل استقدامكم لخادمة إندونيسية»! فما أن نشر مقالا سابقا له، كما يقول، حتى ازدحم بريده الإلكتروني بالرسائل «الخطيرة»، وأكثرها من الكويت والسعودية، تتحدّث عن «الفظائع» التي عانتها هذه الأسر على يد خادماتهم الإندونيسيات!
ثم يسرد الأمثلة: أسرةٌ تمزّقت بعدما عملت الخادمة لهم (عمل)! أسرةٌ صارت ابنتهم تعاني من الصرع! ثالثةٌ أصبحت تهتم أمهم بالخادمة أكثر من زوجها وأولادها ونفسها! و «عشرات من القصص المرعبة لو كتبتها لما كفت أوراق الصحيفة» كما يقول سماحته!
ويكشف «الباحث الشرعي» السر الأعظم: أن بعض أعقل ربات البيوت السعوديات جلبن لهن خادمات من إندونيسيا، فأصبحن فجأة في شرودٍ دائم لسنوات، حتى حدث إعصار تسونامي الذي قضى على قرى بأكملها في إندونيسيا، فانفك عنهن عمل الشعوذة ورجعن إلى حالتهن الطبيعية، لأن الإعصار قضى على «بعض السحرة والمشعوذات هناك»! ويؤكد: «ولولا الله ثم إعصار تسونامي لبقين طيلة أعمارهن أسيرات لشعوذة وسحر خادماتهن الإندونيسيات»! (نعوذ بالله من الشطط والخبل... وارتفاع منسوب الحماقة في الدم)!
سماحة الباحث الإسلامي طالب السفارة الإندونيسية في الكويت والسعودية بردٍ واضحٍ وصريحٍ عن رأيهما «بما يحدث لشعبينا الكويتي والسعودي بل والخليجي برمته على يد مواطنيها»! ويتساءل: «ما الإجراءات التي تتخذها السفارة مع هؤلاء المجرمين؟ ولاسيما أن سفارات إندونيسيا في الخليج يعنيها سمعة بلادهم، وكذلك يعنيها عدم توقف الخليجيين عن استخدام مواطنيهم في حال استفحلت هذه الظاهرة أكثر؟! إلى درجة أنه حتى المسلسلات الخليجية أخذت تعرض حلقات مما تعانيه الأسر الخليجية على يد الخادمات الإندونيسيات» (ويستشهد بحلقةٍ من المسلسل السعودي: طاش ما طاش)!
صاحبنا (شاط روحه) احتجاجا على السفارة لأنها لم تكلّف نفسها حتى بالاتصال بمواطنة تشتكي خادمتها (الملعونة بنت الملاعين)! وعليه يحذّر جميع الأسر الكويتية والسعودية والخليجية قائلا: «إذا وجدتم أنفسكم ضحية لخادمتكم الإندونيسية فاعلموا أن حقكم ضائع عند السفارة الإندونيسية»! بل ويعرّض بالسفير الذي رفض مقابلة كويتي صاحب منصب رفيع وشهادة عالية للسبب ذاته!
إذا... لم يكن هناك من حلٍّ لعقد بعض الأسر الخليجية إلاّ بإعصار تسونامي! فاسألوا الله في هذا اليوم المبارك بأن يرسل تسونامي آخر أشد فتكا لتغرق إندونيسيا بكامل سكانها تحت مياه المحيط الهندي... لتتخلص الأسر الخليجية ممّا تبقى من ساحراتٍ آثمات، ومن بقايا سحرٍ وشعوذةٍ و(أعمال)!
ماذا لو ترجم كلام هذا الباحث «الإسلامي» ونُشر في صحف إندونيسيا؟ هل سيأمنون أن يرسلوا بناتهم للعمل في بلدٍ لا يخجل فيه «باحثون شرعيون» عن ترويج هذه الدعوات العنصرية ضد إخوةٍ لهم في الإسلام؟ عيبٌ أم شعوذةٌ أم كوكتيلٌ من العنصرية والغباء؟
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1638 - الخميس 01 مارس 2007م الموافق 11 صفر 1428هـ