أثار شجوني أحد الكتّاب عندما تذكرني في مقاله المنشور في إحدى الصحف المحلية كيف أننا كنا من الأوائل الذين طلبوا تأسيس جمعية حماية المستهلك في العام 1985. وأننا أول من قام بمحاولة إنشائها في البحرين وقبل إنشائها في أي بلد عربي!
ولكن مع الأسف الشديد وعلى رغم أن المحاولة دامت لمدة عشر سنوات إذ كانت مجلة «صدى الأسبوع» بقيادة الكاتب علي سيار (يذكره بالخير) من المساندين الأوائل والمشجعين لإنشاء هذه الجمعية وتواصل الحوارات على صفحاتها الأولى... وكذلك صحيفة «أخبار الخليج» التي كانت وحيدة في ذلك الوقت ومقروءة إلى درجة كبيرة! والتصق اسم الجمعية ومحاولة إشهارها بي إلى درجة أن الناس نسوا أنني طبيبة وأنها أصبحت شغلي واهتمامي إلى حد بعيد... وخصوصا أنني سافرت خصيصا إلى أميركا وأوروبا لإحضار قوانينها وزيارة مقارها والتعرف على طريقة عملها!... وأشياء أخرى كثيرة لا يسعني المجال لذكرها...
كنت حينها شديدة الحماس لذلك، وتكونت لديّ خلفية معلوماتية قوية للبدء فيها في البحرين مع المجموعة المؤسسة حينذاك من كل الطبقات الشعبية، والمثقفة والمتعلمة عموما.
ومع كل ذلك النشاط والجهد الذي بذله الأعضاء لإنشائها لم نحظَ بالترخيصي... حينها أغلقنا الباب وانتقلنا إلى صفحة أخرى ونشاط آخر. وصادف أنني كنت خارج البحرين ولمدة خمس سنوات وعدت في العام 2000 وعلى رغم ابتعادي فإنني كنت أتابع ما يدور ولم أرَ شيئا عن الجمعية في غيابي لا في صحف البحرين أو وجود أي صوت لإنشاء جمعية لحماية المستهلك.
وبعد عودتي أعاد الإخوة في «أخبار الخليج» فتح الملفات القديمة وعادت سهيلة ثانية للحديث عن حماية المستهلك وأنها مازالت شاغرة... وقمنا بتقديم طلب جديد إلى وزارة العمل للسماح لنا بإعادة تأسيس الجمعية وإشهارها... إذ لم يكن لنا منافسون حينها، لنفاجأ بعد أسبوع واحد فقط من الحديث في الصحف بأن هنالك من تقدم أيضا بطلب لتأسيس الجمعية... وفوجئنا بأن وزارة العمل تطلب منا الانضمام إلى الجمعية الحديثة المزع إنشاؤها وتجاهل طلبنا الذي تقدمنا به منذ خمسة عشر عاما!... ومن دون إبداء الأسباب اللهم ربما لأننا كنا «ناشطين» ويبدو انه لم يكن مرغوبا في «الناشطين»، وتناست الوزارة كل الماضي والأنشطة التي قمنا بها والكفاح لإشهارها، على رغم أن الجمعية الحالية وبرأي عدد كبير من البحرينيين غير نشطة وعدد أعضائها سبعة فقط ولكنها مازالت موجودة.
لإنجاح مثل هذه الجمعية يجب عليها أولا الانضمام إلى الجمعية الدولية لحماية المستهلك ويجب عليها أيضا طلب المساهمة في إعطاء المعلومات لكشف الغش التجاري، وان يزيد عدد المتطوعين فيها بدرجة عالية جدا ويكون لها مقر أساسي وموظفون برواتب للقيام ببعض الأعمال التي لا يمكن القيام بها من قبل متطوعين... وأشياء أخرى سأذكرها لاحقا. وبما أن العمل في هذه الجمعية هو تحمل تطوعي 100 في المئة ويحتاج إلى الكثير من الخبرة الحياتية المتراكمة في النواحي الاستهلاكية إلا أنه لابد من وجود عين فاحصة هي فعلا متوافرة في الكثير من أبناء هذا البلد العزيز... ولكن المتابعة الدورية والدائمة من أهم واجباتها الأساسية لاكتشاف الأخطاء التي تأتينا من الخارج، وخصوصا أننا نستورد تقريبا كل شيء، فوجوب وجود حد أدنى للمواصفات هي شروط أساسية لقبول البضائع التي تردنا... وأطرح هنا (مثالا) حدث في أيامنا ونحن نتابع الجمعية الدولية أن اكتشفت إحدى شركات السيارات كثرة الحوادث الخطرة في نوع معين من سياراتها وبعد أن قامت الجمعية الدولية لحماية المستهلك بالتفحص في سبب تلك الحوادث من قبل أخصائيين في مجال الحوادث وجدوا أن الشركة المصممة كانت قد اختصرت «برغي» من «براغي البريك» كي توفر المصاريف وتزيد من أرباح الشركة... فرفعت القضايا ضد تلك الشركة وتم إيقاف الإنتاج تماما! ودفع التعويضات لكل المتضررين من الحوادث الناجمة، هل ترون قوة هذه الجمعية؟ إذا عملت بجد ستكتشف العجب من الغش التجاري في كل مكان في العالم، وسيزداد طبعا عند الدول التي تغفل حماية مواطنيها.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 1637 - الأربعاء 28 فبراير 2007م الموافق 10 صفر 1428هـ