العدد 1637 - الأربعاء 28 فبراير 2007م الموافق 10 صفر 1428هـ

«الإسلاموفوبيا» وصف عنصري حديث

قوانين الإرهاب صنعت الخوف من الإسلام... بروكيت

قدمت بمركز الشيخ إبراهيم آل خليفة دراسة ميدانية في بريطانيا، عن «توجهات المراهقين بشمال انجلترا نحو الإسلام والمسلمين»، استعرض فيه «أدريان بروكيت» جملة من النتائج التي توصل لها مع مجموعة من الباحثين، من خلال إجراء مسح عام عن الإسلام، والخوف من الإسلام، سواء بعد الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول أو قبله.

بدأ أدريان بروكيت دراسته بسؤال هو: «أصبح من الشائع القول إن شعور الكراهية للإسلام بدأ ينمو في المملكة المتحدة. ولكن ماهي حقيقة ذلك الشعور؟»، ثم تطرق إلى مصطلح «إسلاموافوبيا»، معتبرا أن المصطلح ينقسم في أصله الإنجليزي إلى قسمين، القسم الأول هو إسلام والثاني فوبيا، وفوبيا حين تضاف إلى مصدر أو اسم تعني الخوف، وبذلك يعني المصطلح إسلاموافوبيا» فزعا أو كراهية عميقة وغير مبررة للإسلام، ينتج عنها تحامل وإجحاف ضد المسلمين».

والتقرير الذي قدمته «لجنة أمناء رنيميد» قد طوٌر التقرير ليشمل العامين 2001 و2004م، ولكن منذ ذلك التأريخ أصبح التعبير أكثر شيوعا إذ إن 20 في المئة من أطفال المدارس بمدينة «يورك» مثلا والذين هم من الفصول 10-12 في المسح الراهن قد سمعوا بها منذ العام 2003 على سبيل المثال. كما أنها صارت الآن لا تثير الشعور السابق نفسه.

وإذا كان أحد أوجه التحامل والإجحاف الذي سعى التقرير لمكافحته هو وضع كل مسلم في قالب نمطي سلبي واحد فإن تعبير «الاسلاموفوبيا» هو نفسه قد أدى لشيء من ذلك تماما، كمن سعى لحتفه بيده، وعلى نفسها جنت براقش كما يقول المثل العربي. إذ إن الإسلام في حقيقته منهج رحب الآفاق يستوعب كثيرا من المجتمعات البشرية على امتداد التأريخ، وعبر رقعة واسعة من العالم، لكن الإسلام يبقى مفهوما واسع الأبعاد يضم تحت جناحه رقعة واسعة من الأرض، وخلقا كثيرا من البشر، ومساحة ممتدة من تأريخ العالم، يصعب من خلالها تصور الإحاطة.

يقول البعض إن الإسلاموفوبيا غير موجودة بهذه الصفة ولكنها أسطورة بدأت تتشكل وتصبح قائمة بذاتها. فإذا لم تكن أسطورة فإنها - والنص لياسمين علي باي براون (صحافية مسلمة) - «ذريعة لابتزاز المجتمع» (مالك). من ناحية أخرى فان بابيز والذي يعتبر نفسه معاديا «للاسلاموفوبيا» يحتج بأنه «بينما يوجد قطعا إجحاف وتحامل ضد المسلمين فإن «الاسلاموفوبيا» مفهوم وعلى وجه الخداع يركب ويدمج مفهومين وظاهرتين هما الخوف من الإسلام - الدين والخوف من الإسلام الراديكالي الإيديولوجي.

منذ قيام القاضي ماكفيرسن بالتحقيق في مقتل استيفن لورنس (والذي قدم تقريره للبرلمان في فبراير/ شباط 1999) جرى الأمر على أنه تعرض لاعتداء اعتقد أن التهجم عليه كان لأسباب عنصرية. وبما أن الجرائم أصبحت تصنف على أنها اعتداء بسبب الدين أو اعتداء بسبب العرق فانه سواء بدا للمراقبين وجود «الخوف من الإسلام» أو انعدامه ومهما يكن مستوى شدة الاعتداء فإن الأمرين لا يكون لهما أثر لو أن المعتدى عليه من المسلمين اعتقد أن أساس الاعتداء عليه كان «الخوف من الإسلام». فمثلا عدد كبير من الطلاب المسلمين في التعليم العالي لا يشككون في وجود الخوف من الإسلام، في التعليم العالي و أيضا في المجتمع البريطاني الواسع، كما تدعي بحوث أخرى بأن المسلمين البريطانيين في العموم يتعرضون لازدياد في عملية التحامل والإجحاف ضد الدين منذ 11 سبتمبر 2001.

العنصر الثاني في تعريف تقرير «لجنة أمناء رنيميد» الوارد نصه «الرهبة أو الكراهية للإسلام ما ينتج عنه تحامل وإجحاف ضد المسلمين» يشير بشكل رئيسي للاسلاموفوبيا، وذلك بحسابها شكلا من أشكال العنصرية الدينية أو الثقافية. هذه النظرة كانت من أقوى الحجج التي ذكرها مودود (2005). ومن مؤيدي النظرية السابقين كان فرد هاليداي (1966) والذي كان يفضل استخدام لفظ كراهية المسلمين أو العداء للمسلمين، ففي رأيه أن قليلا من الناس يشعرون بالعداء للإيديولوجية أو العقيدة الإسلامية لذاتها بمعنى كراهية الإسلام. ولكن حقيقة الكراهية تصوب نحو المنتمين للدين أو ما يمكن تسميته كراهية المسلمين أو العداء للمسلمين «ومرة أخرى يبدو أن الأيديولوجية أو «ظاهرة» العداء للمسلمين، هي مجرد مخاوف السياسة العلمانية المعاصرة، للنفوذ الاستراتيجي، وقضايا الهجرة، وليس العداء المطلق الدائم المبني على (الاختلاف). لقد عارض «هاليدي» بقوة أطروحات «صدام الحضارات»، والتي يتبناها بشيء من السذاجة كتّاب وخطباء اليمين المتشدد ودوائر المبشرين، وفندها بإيراد أدلة وبراهين وشروح عميقة بالتنوع الواسع في داخل الإسلام عموما، وبين مكونات العالم الإسلامي.

وعلى رغم ذلك استمر هؤلاء وآخرون في التسويق لنظرياتهم، بل أن الحزب القومي البريطاني (اليميني) عمد في السنين الأخيرة على التركيز كثيرا في خطابه السياسي على الإسلام، وأحيانا يناقش بشيء من التفصيل بعض الأحكام القرآنية: بالنظر إلى أدبياته العنصرية السابقة فيمكن للمرء أن يلحظ كراهية للمسلمين أو عداء للمسلمين في ثنايا هذه الإسلاموفوبيا السافرة.

من هذا المنظور فقد اشتمل هذا الفصل على بعض النقاش لتوجهات المراهقين نحو الحزب القومي البريطاني، يبدو أن كثيرا من المسلمين يرون هذا الخطاب المتشدد كتهجم عليهم، مستهدفا عقيدتهم وهويتهم الإثنية، ولذلك ربما كان من الصعب الفرز بين هاتين الناحيتين.

كذلك ينظر المسلمون الآن لمجريات السياسة كجزء لا يتجزأ من «الخوف من الإسلام». كذلك يمثل عدم الاعتراف بوضع المسلمين في بعض جوانب القانون البند ألأخير في قائمة ألأمثلة التي تقوم شاهدا على الاسلاموفوبيا والتي أوردها تقرير لجنة امناء رنيميد (1997)، رغم أن القوانين التي صدرت فورا عقب حوادث الحادي عشر من سبتمبر تظهر اعترافاٍ ضمنيا بالمسلمين، ولو أنه كان بطريقة سلبية. إن قانون مكافحة الإرهاب والجريمة والأمن للعام 2001 قد تم النظر إليه على أنه اسلاموفوبيا سياسية. وتبدي بعض الإحصاءات لمسح جرى بين المسلمين، قام به منتدى مناهضة الاسلاموفوبيا والعنصرية أنه مابين 11 سبتمبر 2001 و30 يونيو 2004 قبض على 609 أشخاص وفقا للقانون, 99 منهم تم توجيه التهمة حيالهم، وقد أدين 15 منهم. وفي الوقت الذي مثل فيه المسلمون 95 في المئة من المقبوض عليهم إلا أن غالبية الذين تمت إدانتهم لم يكونوا مسلمين.

ولقد أفاد 25 في المئة من المشتركين في المسح أن هذه الإحصاءات تبرهن أن المسلمين وُصموا بالإجرام تحت طائلة هذا التشريع، كما لاحظ 20 في المئة من المشتركين بالمسح بأن الاعتقالات المستمرة في سائر أنحاء القطر أدت لزيادة الشعور بخطر الإرهاب، وقادت للشعور بأن المسلمين هم «العدو داخل الحدود».

العدد 1637 - الأربعاء 28 فبراير 2007م الموافق 10 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً