افتتح في العشرين من فبراير/شباط الماضي معرض الفنانين العراقيين، السفير غسان محسن وفاضل الدباغ، بصالة البارح للفنون التشكيلية، عرض فيه الفنان الدباغ أثني عشر عملا، تميزت كلها بالأحجام المتوسطة، كما قدم محسن ستة وعشرين عملا، وقد أطلق المعرض تحت مسمى مشاعر عراقية.
الحضور الدبلوماسي طغى على الحاضرين، غير أن التجارب المقدمة كانت متجاوزة، ولها خصوصية قد لا تكون حكرا على السمات العراقية؛ لأنها تذهب في خصوصية الفنان كإنسان أكثر، إلا أن العراق كانت جزءا من المعرض، وذلك ما علق عليه الفنان غسان محسن حين سألته عن سبب تسمية المعرض بـ«مشاعر عراقية» إذ قال: «لأننا نعيش العراق»، بجملة صغيرة التقط الإجابة، كأنها إجابة حاضرة ليست في المعرض فحسب، بل كانت ملازمة للفنان منذ ورشته، وأول خطوة لفرشاته على البياض.
تميزت أعمال غسان بمعالجات لونية رائعة، وبتداخل بين الألوان بتقنية عالية. استخدم في تكوين لوحاته الأقمشة وقطع الثياب، مع الألوان الزيتية وهناك تشابه في تقنية الرسم في لوحات غسان، إلا أنه كسر هذا التشابه، و مايز بين أعماله باختلاف المساحات اللونية، ودرجة اللون، والمواضيع المطروحة، مع اختلاف على مستوى اكتناز العمل أو الذهاب في بساطته.
فتظهر بعض اللوحات في أعمال غسان كمدن، البيوت فيها أعمدة لونية، ترى من خلالها النباتات تتسلق البيوت، نباتات على شكل حروف أو رسم حروف، اعتبرها غسان «خربشات»، لكن تتسلل لك العناصر الأساسية التي يعمل عليها غسان، فتجد العمارة والأحرف والنباتات، هذه العناصر الثلاثة في أعماله، خلال الثماني سنوات الماضية كما يقول غسان عمل على مشروعات مختلفة، فمرة عمل على العمارة كعنصر أساسي في تجاربه، ومرة النباتات وما تشكله من زخرفة، وأخرى الحروف العربية باختلاف خطوطها، وقد قام بالمزج بين عنصرين في بعض أعماله، إلا أن هذه التجربة اختلفت بمزجها العناصر الثلاثة، فنجد في عمله الذي حمل رقم «28» تجربة فريدة، إذ عمل على توظيف العمارة كفن ارتبط بالحضارات العراقية سواء القديمة منها أو الحديثة، والحروف كرمز للحرف سواء القرآني أو الإنساني، والنباتات في إشارة إلى الجنة، والزخارف العربية؛ لتكوين رمز يذهب إلى الإيهام بشكل سمكة. أما تجربة فاضل الدباغ فقد اعتمد فيها موضوعا واحدا، عالج من خلاله أعماله، إذ حضرت الطبيعة والأشجار كعنصر أساسي في أعماله، كما كسر أحادية المادة المستخدمة في عمله، بإدخاله قطعا من الأقمشة، أعطى سطح لوحته ملمسا متميزا، في حين لم يحاول إخفاء هذه القطع، بل كان يصر على جماليتها من خلال إبرازها، وفي جانب آخر تميزت أعماله بالأشكال الهندسية، سواء المثلثات أو الدوائر، والتي كان يشير فيها إلى الأشجار، أشجار كانت ثمارها مختلفة من حيث الحجم أو الشكل.
الأعمال التي قدمها الدباغ عبارة عن مشروع واحد، شكلت النباتات جزءا من تكوينها، فنجدها في الأقمشة الخضراء ذات نقش الأوراق، أو من خلال الأشجار التي تسللت إلى أعماله، فصارت علامة بارزة لأعماله الدباغ. تميز الدباغ بثقة كبيرة كانت ظاهرة على لمسات فرشاته كما تقول بلقيس فخرو، ومن جانب آخر تميز في تقديم تجربة ممتعة ومختلفة للمتلقي البحريني.
العدد 1637 - الأربعاء 28 فبراير 2007م الموافق 10 صفر 1428هـ