ثمة خلل تأسيسي في مجمل العلاقة التي تحكم «بعضا من الشارع البحريني» من جهة و «السلطة» من جهة أخرى. واقع الحال، لا أتفهم هذا الفصل المبدئي بين المؤسسات الحكومية (وزارة الداخلية، والمؤسسة العامة للشباب والرياضة) وأولئك الأحداث (صغار السن) الذين يعمدون إلى تعطيل الحياة العامة في شارع البديع بين فينةٍ وأخرى. هذا الفصل يقتضي أن يكون الجميع - بلا استثناء - غير معنيين بالسيطرة على الوضع بشكل مباشر أو تحمّل مسئولية الإمساك بمجمل العملية السياسية في البحرين عن الدخول في فصل جديد من التدهور.
نواب «الوفاق» في حِلٍّ مما يجري، مؤسسة «الوفاق» كذلك. أضف إلى ذلك أن الأب الروحي للوفاقيين الشيخ عيسى قاسم كان قد أعلن صراحة عدم القبول بمثل هذه السلوكات في الشارع. حسنا، من بقي إذا؟ البقية التي من المفترض أن تكون المسئول الأول عما يجري إن هي الجهة المطالبة بالإمساك بهؤلاء الصغار من الانجرار أكثر وراء عواقب وخيمة.
هؤلاء الصبية في حال استمروا في مثل هذه السلوكات فهم بالتأكيد مشروعات نماذج من الطلبة المفصولين من مدراسهم/ يائسين في الإحساس بأن بمقدورهم التعايش الإيجابي في هذا المجتمع والحصول على فرص حياة أفضل.
ليس مطلوبا من الأقلية بميزان الأكثرية في المعارضة أن تكف عن برامجها السياسية. ولا يحق لأحد ما أن يطلب منها ذلك. المطلوب منها فقط، أن تدرك أنها «أقلية» قبالة أكثرية اختارت المضي في العملية السياسية (المشاركة) وأنه ليس من حقها جر الجميع إلى مواجهة تعتقد هي - دون غيرها - أن فاعليتها السياسية أكيدة.
واقع الحال أيضا، أن جميع هذه المتراجحات لا تفضي بالضرورة إلى أن تعتقد الدولة أنها طرف «مراقب». فالدولة ممثلة في مؤسساتها الرسمية مطالبة بدراسة هذه الحالة - تنتابني حال تخوف من مفردة «دراسة»؛ خوف أن تكون دراسة على شاكلة التقارير المثيرة للجدل - والبحث عن أنجع الطرق لاحتوائها. فلا يصح أبدا، أن تكون الدولة خصما لأبنائها. وعلى ذلك أيضا، لا يصح لها أن تقذف بـ أطفال صغار في قعر مستقبل مجهول يزيد من حالات الخلل الاجتماعي والسياسي لديها.
خلاصة كل هذا القلق ما بين أقلية المعارضة والسلطة هو ألا تتصور الأقلية أحقيتها بالمشهد السياسي كاملا، فتجر معها الجميع لخيارها «هي». وألا تعتقد السلطة أن هذه الأقلية هي طرف خارج إطار العملية السياسية برمتها. لابد أن يكون الجميع في الحقل السياسي قادرين على التفاعل في بيئة سياسية صحية. وعلى الأقلية في المعارضة ألا تستخدم ورقة الشارع بطريقة غير مسئولة نحو بغية الحصول على أوراق ناجعة تستطيع أن تنافس بها البقية، سواءٌ أكانت السلطة هي الطرف المستهدف أم أكثرية المعارضة.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1636 - الثلثاء 27 فبراير 2007م الموافق 09 صفر 1428هـ