واحدةٌ من المسابقات التي تبنّتها الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في 2005-2006، هي الكتابة عن «الشراكة المجتمعية في تعزيز الأمن»، وأشارت الأمانة العامة للمجلس حينها إلى أن «هناك شبه إجماع عالمي على أن الأمن وفرض القانون لا يمكن تحقيقهما من خلال المؤسسات الأمنية وحدها. ومن هذا المنطلق، إن الشراكة المجتمعية مع الأجهزة الأمنية أضحت ضرورة ملحة، فهي فلسفة ونهج إداري واستراتيجي تسير عليه الأجهزة الحديثة؛ بغية حل كثيرٍ من القضايا الأمنية بشكل إيجابي».
على أن المفهوم - كي يجد طريقه في بلد مثل البحرين - بحاجة إلى فتح أبواب الحوار بين الأجهزة المعنية بالأمن ومن يُمثل الأهالي، سواءٌ أكانوا من المنتخبين أم الوجهاء أم الناشطين المؤثرين، في قضايا الحياة اليومية، وخصوصا إذا كان الأمن يرتبط بقضايا اجتماعية وسياسية، إذ لا يمكن معالجة الأمور عبر التطبيق الحرفي للقانون، وهذا ما أشارت إليه الأمانة العامة لمجلس التعاون، وهو أيضا ما تشير إليه تجارب المجتمعات الأخرى التي تمر باضطرابات ما ويحدث اصطدام. فما حدث في فرنسا قبل فترةٍ عندما كانت هناك مصادمات بين شباب من الجاليات غير فرنسية الأصل وقوات الأمن، وكذلك ما حدث في بريطانيا عدة مرات في السنوات الأخيرة بين الشباب الآسيويين والشرطة، جميعها يتم التعامل معها على أساس الشراكة المجتمعية.
الشراكة المجتمعية تقوم أساسا على استماع المسئولين عن الأمن إلى وجهاء المجتمع، وهي تتطلب بناء جسور من الثقة بين المسئولين والفئة المجتمعية المعنية بالأمر، بحيث تتوضح جوانب من الصورة يمكن من خلالها تصحيح الأوضاع، وبالتالي حفظ حقوق المجتمع وتعزيز الأمن.
إن الحوادث التي تختلط فيها الدوافع، وتندرج بضمنها جوانب سياسية أو اجتماعية، لا يمكن معالجتها بصورة ناجعة عبر استخدام قوة الدولة فقط، حتى لو صنَّف القانون تلك الأفعال على أنها إجرامية. ثم إن اختلاط الدوافع والمحفزات لحدوث بعض الاضطرابات يؤدي - حين استخدام القوة المفرطة - إلى تصدع العلاقة بين الأجهزة الرسمية والفئات المجتمعية المعنية. ولذلك، إن التجربة تقول لنا إن استخدام العقل يتغلب على استخدام القوة، ولكي يتم تشغيل العقل في حل المشكلات، فإن الخطوة الأولى هي فتح أبواب الحوار - بهدوء وروية - والتطرق من خلال النقاش إلى القضايا التي تبدو معقدة في بادئ الأمر، ولكنها سرعان ما تتحلحل مع تفكيك جذورها.
ومن متطلبات نجاح الشراكة المجتمعية ألا تستمع الدولة الى اشخاص سيئين، أو الذين أصبحوا بين ليلة وضحاها يتحدثون كأنهم من أبناء البلد بينما موقعهم الفعلي من الإعراب يساوي «صفرا» فيما لو لم يكونوا في البحرين.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1636 - الثلثاء 27 فبراير 2007م الموافق 09 صفر 1428هـ