تعتبر الرياضة في الأساس مجالا لبناء الجسم والعقل الإنساني من خلال ممارسة الأنشطة الرياضية المتنوعة.
وعلى مر الزمان تطورت الرياضة من ممارسة فردية إلى ممارسة جماعية تنافسية تمتاز- على رغم تنافسيتها- بالروح الرياضية والأخلاق العالية.
فالتنافس الرياضي كان مضربا للمثل من خلال الأخلاق الراقية التي تسوده، فالرياضي الحقيقي بطبيعته يتقبل الفوز والخسارة باعتبارها جزءا رئيسيا من الواقع الرياضي.
في العصور القديمة كانت القبائل تتناحر وتتقاتل في ساحات القتال في إطار من التنافس الحربي، ومازالت الكثير من الدول في العصر الحاضر تتنافس في ميدان الحروب وقتل الإنسان، إذ تغيب الأخلاق ويعلو صوت الرصاص.
إلا أن أبرز إضاءات العصر الحديث كان التنافس الرياضي الشريف الذي دفع إلى تنظيم دورات عالمية تعنى بالتنافس الرياضي في إطار من الروح الرياضية العالية، وفي إطار من التعارف والتلاقي بعيد كل البعد عن التشنج والعصبية.
فمن الطبيعي أن يسعى كل فرد من أجل الفوز وتحقيق الانتصارات والشهرة؛ لأن ذلك أمر غريزي في الإنسان يدفعه إلى القوة والحدة في التنافس، إلا أنه من غير الطبيعي أن يتحول هذا التنافس الشريف إلى عراك وقتال بعيد كل البعد عن أهداف الرياضة ومراميها.
الرياضة بعالميتها هي أداة لتوحيد الشعوب وتفاهمها وتواصلها في إطار من الروح الرياضية وتقبل الآخر، غير أن فئات من مستويات مختلفة حولت الرياضة إلى أداة للمصالح الشخصية ومجالا للتنفيس عن الاحتقانات، وميدانا للصراع والقتال والرشى!
هذا الواقع لا يتعلق برياضتنا المحلية فقط وإنما يمتد إلى دول متقدمة رياضيا، تحولت فيها الرياضة إلى سلعة تذبح من أجلها جميع الأخلاق الرياضية.
وما الرشى والتلاعب في نتائج المباريات التي كشف عنها في الدوري الإيطالي إلا دليل واضح على ما وصلت إليه الرياضة العالمية.
هذه الرياضة التي تحولت إلى صناعة وتجارة بشكل أفسد الهدف الأساسي منها وحولها إلى أداة في يد المتنفذين وأصحاب السلطة، بل إن العصابات الدولية بدأت الدخول فيها مثل المافيا وغيرها.
على المستوى المحلي لم نصل بعد إلى المستوى العالمي في مجال الرشى الرياضية أو في مجال تحول الرياضة إلى صناعة وتجارة ولكننا حولنا الرياضة إلى ساحة لاستعراض العضلات وللألفاظ النابية من دون مراعاة أو احترام للدين أو حتى العادات والتقاليد.
ما يحدث في ملاعبنا بعيد كل البعد عن التنافس الرياضي الحقيقي، فالسب والشتم والاقتتال مفردات لا علاقة لها بالرياضة الحقيقية، وإذا لم نعمل جميعا على تطهير رياضتنا من هذه الآفات فإن الرياضة ستتحول عندنا إلى شيء آخر قريب إلى ثقافة ساحات الاقتتال وتصفية الحسابات.
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 1635 - الإثنين 26 فبراير 2007م الموافق 08 صفر 1428هـ