العدد 1635 - الإثنين 26 فبراير 2007م الموافق 08 صفر 1428هـ

الأقربون أولى بالتأهيل!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مرّ أسبوعٌ كاملٌ على حادثة «المانشيتات»، ومازال البعض يبدأ مقالاته بالتسليم بوجود «معسكرات تدريب» في بني جمرة، بل ويتفلسف بالحديث عن «أخطر» تداعيات بيان وزارة الداخلية!

المضحك أنه ينطلق من فرضية انقسام صحافتنا المحلية إلى صحافة «سنية» و«شيعية»... الأولى هوّلت الموضوع، والثانية هوّنت منه، وهكذا يتم البصم على نظرية «الفسطاطين»، وإعلان الدخول رسميا مرحلة التمايز الطائفي على المكشوف! وإذا كانت هذه هي قناعة من تعتبر نفسها كاتبة عمود «كبيرة» توجّه الرأي العام... فعلى الوحدة الوطنية السلام.

البعض يتكلم من وراء مقعده الوثير، ويوزّع تنظيراته على الملأ، وأحيانا ينتظر خمسة أيامٍ بلياليها حتى يُؤذَن له بالكتابة أو التعليق على حوادث الساحة، أو ينتظر ما يُرسل إليه بالفاكس من بعض «الأجهزة» ليضع توقيعه عليه وينشره باسمه... بالمقابل، من حقّ من نزل بنفسه ظهرا إلى «معسكرات التدريب الإرهابية» المزعومة، أن يكشف حقيقتها للرأي العام الذي يريدون استغباءه. مع ضرورة التذكير بأن المغرور الذي يرى نفسه من «علية الكتاب»، ويحقّ له توجيه الناس و«استغباءهم»، فإنهم ينظرون إليه باحتقار أيضا، كراكب الجبل الذي يرى البشر صغارا، وهم يرونه قزما وغبيا ومغرورا بدرجةٍ لا تحتمل.

حادثة «المانشيتات» الثلثاء الماضي ستظل يوما لن ينسى أبدا، فما حدث دليلٌ دامغٌ على إفلاس المدرسة الإعلامية القديمة القائمة على التهويل والكذب والاستخفاف بعقول الناس. ولأن اللعبة تجاوزت الحد المعقول، تمّ التفكير بإيقافها بطريقةٍ مؤدّبةٍ وهادئة. وإذا كان لابدّ من تقديم شهادةٍ شخصيةٍ، فإنها ستكون دليلا آخر على إفلاس المدرسة القديمة، وضرورة أن يعي أبطالها أي أضرار ألحقوها ويلحقونها بالوطن من أجل مصالحهم الشخصية، واستثماراتهم في الشقق المفروشة بالجفير أو في دبي ورأس الخيمة.

قبل المجيء إلى العمل الثلثاء الماضي، اطلعت على عناوين بعض الصحف المحلية، ولفت نظري دعوة الداخلية أطراف المجتمع إلى المشاركة في تهدئة الاحتقانات واحتواء الانفلات في الشارع. وكان لديّ استعدادٌ للكتابة في هذا الاتجاه، ولكن بعد الإطلاع على جنون صحافة «الموالاة» وتهويلاتها، اضطر المرء للذهاب بنفسه للتحقّق قبل أن يكتب كلمة واحدة في غير محلها تكون مجافية للواقع.

الموضوعية والمهنية والأمانة تقتضي أن توجّه نقدها للصحيفة التي حرّفت بيان الداخلية، الذي تحدّث عن «متهم واحد»، فقامت تلك الصحيفة بفبركة قصة «معسكر إرهابي»، و«شبكة مشبوهة»، و«مخطط مدروس»!

الذاكرة البحرينية مازالت تحتفظ بعدة نسخ من هذه الأفلام الهندية الطويلة ذات السيناريوهات الهزيلة. فالجمهور اعتاد على إخراج نسخٍ منقّحةٍ كل ثمانية أو تسعة أعوام، حتى صوّروا بلادنا بأنها بلد الانقلابات والمؤامرات التي لا تنتهي، كل ذلك لعرقلة أي إصلاح حقيقي أو إشاعة العدل والمساواة بين الناس.

هذه الأفلام أصبحت صناعة قائمة بذاتها، تستفز حساسية الرأي العام، وبالمقابل يستفيد منها الكثير من الطفيليين والمتمصلحين في مواقع النفوذ، وبعضهم زملاء في المهنة، يجيدون استحلاب المال العام، عن طريق استعداء فئات الشعب ضد بعضها بعضا. هذه هي فلسفة العمل الإعلامي القديم، فإذا ثار أحد الصحافيين على هذه القواعد أخذوا يحذّرون من الصحافة «التي تلعب بالنار» وتحتاج إلى إعادة تأهيل، وعلى رؤساء التحرير أن يستنفروا لمسك الخيوط!

إن الذي يحتاج إلى «إعادة تأهيل»، هو مَنْ حرّف بيان الداخلية، ونشر صورا قديمة من «شقق الجفير» على أنها حديثة من «معسكرات بني جمرة»! هو من تحوم حوله الشبهات في مخططاتٍ تآمريةٍ ومشاريع سريةٍ حُجِر الحديث عنها قبل أن تتضح بقية خطوط المتورّطين فيها. أصابكم الصمم وخانتكم الشجاعة في الاقتراب منها... لا ندري خوفا، أو (ما كو أوامر)، أو لارتفاع هرمون الصدقية في دمائكم! فابدأوا بأنفسكم وبصحفكم... فالأقربون أولى بالتأهيل إن كنتم صادقين!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1635 - الإثنين 26 فبراير 2007م الموافق 08 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً