حتى السمك الذي كان طعام الفقراء قبل أقل من عقدين من الزمان أصبح اليوم طعام الأغنياء فقط، في بلاد مياهها الإقليمية أكبر من يابستها! وحتى اسمها أبى إلا أن يرتبط بالبحر، فسميت هذه البلاد ليس بـ «البحر» بل بـ «البحرين»، ولكن ليس لأهلها من هذين البحرين بل الأربعة بحور التي تحيط جهاتها الأربع شيء واحد يذكرها بأنها تعيش في جزيرة صغيرة تعوم في خليج واسع هو من أشهر الخلجان في العالم كله!
عندما تصف هذه الجزيرة لأحد سكان الصحراء الإفريقية الكبرى، أو صحراء فكتوريا أو صحراء كاراكوم أو حتى صحراء الربع الخالي، فلا يتوقع أن أحدا في هذه الجزيرة يأكل غير السمك، ولا يصدق أن أحدا فيها يسكن غير الساحل، ولا يستوعب أن أحدا فيها يتنزه في غير البلاج!
هي جزيرة ولكن من دون سواحل ليست بفعل «الخسف» أو «الطوفان» بل بفعل أياد طويلة عجز حتى القانون عن أخذها إلى قفص الاتهام فضلا عن إدانتها، فهل سمعتم باتهام أحد بالاستيلاء على شبر من السواحل المحاطة بجدران العزل؟ هي جزيرة ولكن من دون سمك! ليس بفعل «الصقيع» أو «البراكين البحرية» بل لأن البحر أصبح «ملكا خاصا» فأصحاب النفوذ استولوا حتى على «الحظور» فأجروها الفقراء من الناس، فأصبح الفقير يفكر في دفع إيجار حظرته قبل التفكير في إطعام عياله! فهل نحن في جزيرة؟
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 1635 - الإثنين 26 فبراير 2007م الموافق 08 صفر 1428هـ