العدد 1635 - الإثنين 26 فبراير 2007م الموافق 08 صفر 1428هـ

«خرافة التنمية الاقتصادية» (1/2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من الكتابات التي ترد إلى أذهان المتابع لما يجري في العراق من مآسٍ، كتاب «خرافة التنمية الاقتصادية» الذي صدر في العام 2003 عن الدار العالمية للكتاب - بيروت، وقام بترجمته، نقولا عزقول. مؤلف الكتاب الأصلي هو أوزو الدو دي ريفيرو، ممثل بيرو في الأمم المتحدة، ورئيس البعثة الاقتصادية لقمة بلدان عدم الانحياز ورئيس مجلس النظام الاقتصادي لبلدان أمريكا الجنوبية. وأصدر كتاب (خرافة التنمية الاقتصادية) كي يشرح فيه وجهة نظره في عملية استغلال الدول الكبرى للدول النامية والفقيرة باسم التنمية، وبقاء معدلات الفقر بين سكان العالم على ما هي عليه رغم التزامات دول كبرى أطلقت في مناسبات سابقة لمكافحة الفقر.

فاليوم وبعد مضي ما يربو على 6 سنوات على صدور النسخة الأصلية من الكتاب، لاتزال عمليات الاستغلال والنهب مستمرة في بلد مثل: العراق، طورا تحت شعارات مثل: تنمية العراق، وأحيانا أخرى تحت شعارات أخرى مثل: « دمقرطته». والمحصلة النهائية لكل ذلك انهيار العراق اقتصاديا، وتمزقه اجتماعيا، وتشرذمه سياسيا.

ومما لاشك فيه أن قراءة جديدة ثانية للكتاب تلقي المزيد من الأضواء على خلفيات ما يجري في العراق، وربما حتى في بلدان عربية أخرى مثل: لبنان.

يساعدنا على بلورة مثل تلك الرؤية المتقدمة الأسئلة إلى يثيرها ناشر الطبعة العربية. مجموعة الأسئلة تلك هي التي لاتزال، الإجابة عليها، بحاجة إلى المزيد من البحث والتمحيص. يتساءل الناشر:

ماذا يحصل لغالبية العالم الثالث من الناحية الاقتصادية اليوم؟

لماذا أصبح سكانها غارقين في فقر مدقع، مدنها تنهار في فوضى عامة تحت وطأة سيطرة المافيات ولوردات الحروب؟

أين هي البلدان من منافع ووعود التنمية الاقتصادية التي أغدقت عليها في السنين الخمسين الأخيرة؟

أين هي ثرواتها ومواردها الطبيعية وقدراتها الانمائية؟

إلى ما آلت إليه تلك النظريات والإيديولوجيات والعقائد السياسية والاجتماعية التي أطلقها عقول كبار المفكرين في سبيل رفاهية الشعوب وازدهار اقتصاداتها؟

لماذا أصبحت تليق بها اليوم تسمية البلدان غير القابلة للحياة أو الدول - الأمم الواهنة أو أشباه الدول - الأمم بدلا من البلدان الثانية؟

يلقي الكتاب الأضواء على ما هو حاصل اقتصاديا اليوم في بلدان العالم الثالث، ويبين لنا بمهنية عالية وشفافية متناهية ما هي العولمة، وما هو دور البلدان الصناعية العصرية والمصارف الدولية والشركات العالمية والثورة التكنولوجية في خلق هذه الفجوة الواسعة بين البلدان المتطورة والأخرى المتخلفة اقتصاديا ؛ليخلص في النهاية إلى حقيقة قد تخيف الكثيرين، من أن التنمية الاقتصادية لن تكون بعد الآن بمتناول تلك البلدان الفقيرة والمتخلفة اقتصاديا. وأصبح عليها أن تناضل اليوم من أجل تأمين الماء والغذاء والطاقة لأفراد سكانها المتكاثرين بأعداد هائلة ؛أي أن تصارع فقط من أجل البقاء.

بحسب كتاب «خرافة التنمية الاقتصادية» فإن ما وعد به فقراء العالم منذ نصف قرن من انفراجات ورفاهية ـ لو هم اتبعوا الوصفات التي اعطيت لهم ـ هو مجرد سراب، بدليل ان هؤلاء يزدادون عوزا وتقهقرا، فيما يحافظ الأغنياء (الذين يُسدون لهم النصائح ويرسمون لهم سبل النجاح) في مواقعهم من دون أن يتزعزعوا أو يرفّ لهم جفن.

ويوجه الكاتب اتهاما للدول الغربية ؛لأنها؛ أي الدول الغربية القوية اتبعت مسارا تدريجيا في بناء كياناتها فلسفيا وسياسيا واقتصاديا. وهي منذ 200 سنة على الأقل تنحت في مفاهيم ورؤى على أساسها أرست مداميكها، وهي اليوم دول صناعية وتكنولوجية تستطيع أن تبيع نتاجاتها العالية الجودة بأغلى الأثمان. أما وهم التنمية كما يسوّق لإنقاذ كيانات سياسية ـ هي في معظمها اصطناعية، جغرافيتها اعتباطية ـ بعد أن تم مص مواردها الطبيعية، وصودرت إرادتها الداخلية، فهو يتجلى عبر المزيد من القروض والديون التي تستخدم بشكل أساسي في سد رمق الجوعى والمحتاجين، فيما لا نرى مشروعات استثمارية حقيقية تعود بالرفاه على هذه البلدان.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1635 - الإثنين 26 فبراير 2007م الموافق 08 صفر 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً