تعود مناسبة الكتابة عن هذا الموضوع المثير إلى ظهور قصص في وسائل الإعلام كشفت جانبا من ظاهرة استغلال بعض المؤسسات في القطاع الخاص (وهي الأقلية) للعمال الأجانب.
حقيقة هناك الكثير من صور الاستغلال للعمالة الأجنبية. يمكن تلخيص مظاهر الاستغلال بعدم حصول بعض العمال الأجانب على رواتبهم في الأوقات المتفق عليها فضلا إلزام بعضهم العمل لساعات مطولة والزج بعدد كبير منهم في غرفة واحدة.
تجاوزات بالجملة
لا بأس بالإشارة إلى صور من ظاهرة تعرض العمال الأجانب للاستغلال. فهناك مشكلة العمل لساعات مطولة، إذ يلاحظ أن بعض المؤسسات تلزم الموظفين الأجانب بالعمل لساعات قد تمتد لنحو 14 ساعة متواصلة. يدعي بعض أصحاب الأعمال بأنهم يدفعون للوقت الإضافي لكن في الغالب ليس بمقدور العمال الأجانب رفض الأوامر. أيضا هناك ظاهرة الزج بعدد كبير من العمال في غرفة واحدة، إذ يميل بعض أصحاب الأعمال إلى حشر عدد قد يصل إلى عشرة عمال في غرفة واحدة مزودة بمرفق صحي واحد من دون الاعتبار للآثار السلبية المحتملة على صحتهم. ربما يحتج بعض أرباب الأعمال بأن السكن المتوافر لبعض العمال الأجانب أفضل مما يحصلون عليه في بلدانهم. لكن هذه المقارنة غير صحيحة لعدة أسباب منها أنها تؤثر سلبا على صحة المجتمع البحريني برمته إذ يتعامل هؤلاء بالمجتمع برمته. كما أن علينا تطبيق المعايير الدولية الداعية إلى حس التعامل مع العمال.
تأخير دفع الرواتب
من جهة أخرى، يشتكي بعض العمال الأجانب من أنهم لا يحصلون على رواتبهم في المواعيد المحددة وقد يمتد التأخير لعدة شهور. والمعروف أن القوانين المعمول بها في البحرين تمنح العمال الأجانب خيار تغيير صاحب العمل في حال عدم حصولهم على رواتبهم لمدة ثلاث شهور متتالية. يبقى أن الشائع في أوساط العمالة الأجنبية هو التردد في الذهاب لوزارة العمل لتقديم الشكاوى خوفا من البطش المحتمل لأرباب الأعمال أو احتمال وجود أخطاء في أوراق عملهم.
من الخطأ الاعتقاد بأن أولئك الذين لا يحصلون على رواتبهم سيقفون مكتوفي الأيدي حيال هذا الواقع المر. بل بالمقابل يقوم البعض منهم بأعمال انتقامية من الشركات التي يعملون لديها مثل السرقة والتحايل في أداء المهمات المناطة لهم وسوء معاملة الزبائن. بل بمقدور الزبائن التكهن في بعض الأوقات ببعض أسباب الخدمات السيئة التي تحصلون عليها، والتي عادة تشمل تأخير حصول العمال على أجورهم. وعليه فإن المؤسسات التي لا تدفع الرواتب ربما تضر نفسها في نهاية المطاف. يذكر أن العمالة الأجنبية تشكل 77 في المئة من عدد العاملين في القطاع الخاص (أو أكثر من 245 ألفا حتى منتصف العام 2006). لا يختلف اثنان في أنه لطالما هناك شخص يعمل في بلادنا فيجب ألا يتعرض لأي نوع من الأذى. البديل هو عدم جلب العمال من الخارج. فالظلم قبيح ويجب رفضه بأي شكل من الأشكال. المؤكد أن المواطن البحريني يرفض وجود الظلم في مجتمعه ضد كائن من كان.
وختاما نرى أن ظاهرة استغلال العملة الأجنبية تسيء لفرص توفير الوظائف للمواطنين بسبب وجود البديل الراضي بتقبل الظلم مثل تأخير حصوله على الراتب. نتمنى أن تعمل كل من وزارة العمل وغرفة تجارة وصناعة البحرين للوقوف بحزم ضد جميع صور استغلال العمالة الأجنبية حفاظا على سمعة البحرين. ربما حان وقت إصدار تشريع خاص يضمن حقوق العمالة الأجنبية ويحارب جميع مظاهر الاستغلال.
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1635 - الإثنين 26 فبراير 2007م الموافق 08 صفر 1428هـ