في تعريف التراث، التفرعات كثيرة. فهناك مثلا من يرى أن التراث في الجانب المعماري، وغيرهم يرونه في الغناء والرقص الشعبي، أوالعادات والتقاليد، وآخرون يرونه في الشعر وأن الشعر الشعبي من متوارثات الأجيال. وإجمالا هو الذاكرة التاريخية الشعبية للبلدان والشعوب. أما الإرث فهو نوعان... عام وخاص. العام هو ما يورثه السلف للخلف عامة، كالتراث والفكر والثقافات. أما الخاص فهو ما يتوارثه الأقارب فيما بينهم ويوزع بحسب درجة القرابة، سواء أكان ثروة أم تراثا. ولسنا معنيين بالإرث الخاص ولكننا معنيون بالعام الذي يشكل التراث منه جزءا كبيرا. وعليه، فإنه من الضرورة لتواصل هذا الموروث أن يكون هناك واجب كفائي للاهتمام به واحيائه وتوصيله للأجيال اللاحقة حتى لا يموت بموت أصحابه. وقد أشار كبار الفلاسفة والمفركين لأهمية ذلك، فقال الفيلسوف الروماني المعروف سيسرو :«اذا كنت لا تعلم شيئا مما حدث قبل ولادتك فلن تكبر أبدا» وفي ذلك إشارة للتاريخ والتراث. وكثير من المؤرخين يستعينون بالتراث كالشعر لدراسة الماضي. ومثال على ذلك المفكر الاجتماعي «ابن خلدون» في مقدمته المشهورة.
الشعر الشعبي يمثل جزءا من التراث بلا شك، وهو إرث عام ليس لأحد الوصاية عليه وامتلاكه، أو احتكاره لنفسه أو لفئة معينة. وما ألاحظه في الساحة وجود صنفين من حيث التعامل فيما يخص التراث الشعري. صنف يرى أنه كلما توسعت دائرة هذا الإرث وزادت المشاركة فيه كان ذلك إيجابيا يدعو للتفاؤل. وهؤلاء هم من يؤمنون بأن الشعر الشعبي هو تراث وإرث عامان. فيما هناك صنف آخر «يكش» بوجهه ويزداد غيضا كلما زاد المشاركون والمهتمون. وهؤلاء هم من يعتقدون أن الشعر الشعبي هو إرث لهم، يدخلون من يشاءون الساحة ويطردون من لا يشاءون، وكأن الساحة إرث خاص ورثوه عن أمهاتهم أو عن آبائهم!
عبدالله حسن
العدد 1634 - الأحد 25 فبراير 2007م الموافق 07 صفر 1428هـ