«الأمن والسلامة... الأمن والسلامة لكل من يستخدم الطريق... أنظر إلى البعيد الناس يعبرون فلتعطهم حقوقهم ليعبروا الطريق وكن بهم رفيقا... الأمن والسلامة... الأمن والسلامة لكل من يعبر الطريق... قف»... هذه كلمات من المقدمة الغنائية للبرنامج التثقيفي «سلامتك» (لا أعرف بالتحديد في أي عام عرض، ولكني كنت أتابعه بشغف في نهاية ثمانينات أو مطلع تسعينات القرن الماضي) وكنا نستمتع ونستفيد لدى متابعتنا له، كما أنه من نوعية البرامج التي نفتقدها في تلفزيوناتنا العربية.
قد يتساءل البعض منكم لماذا خطرت أغنية البرنامج على بالي؟!، أو لماذا تذكرت البرنامج؟!... لو طرحت علي هذا السؤال لأجبتك: هي لم تغب عن بالي منذ أن تسلمت رخصة سياقة السيارة، وخصوصا بعد أن عرفت بأن الخطر يزداد يوما بعد يوم في شوارعنا، والدليل هي تلك الدماء التي تسيل يوما بعد آخر.
إن تركنا السيارات وأصحابها المتهورين، على جنب لأن الحديث فيهم وفي مشكلاتهم التي يسببونها في الطرقات كثيرة وقضيتها لا حل لها حتى الآن... نأتي ونتكلم عن المركبة النارية المسماة «الدراجة النارية»، والتي انتشرت في شوارعنا هذه الأيام بشكل فضيع بعدد أشكالها وألوانها وأحجامها.
تلك الدراجات النارية وقيادتها بطريقة خطرة تثير الذعر وتربك حركة المرور وتسبب الحوادث المرعبة، لذلك فكثير من الناس قرروا تغيير أسمها من «الدراجة النارية» إلى «الطلقة النارية»، ليس لأنها قد تسبب الحوادث وتسفك الدماء، بل لأن ممارسي هواية ركوب تلك الدراجات باتوا يقومون بعادات والعياذ بالله منافية لأخلاقنا الإسلامية، وهم بذلك قد قتلوا هويتهم «الإسلامية»، كل ذلك اعتقادا منهم بأن تلك الممارسات تمثل نوعا من التحدي والإثارة والمغامرة وإثبات الذات.
يكفيك لتتعرف على هذه الممارسات أن تقوم بجولة في أحد شوارعنا في المساء ما بين الساعة العاشرة وحتى الساعة الثانية عشرة منتصف الليل، ستجد غالبية سائقي تلك الدراجات هم شباب يقودونها بسرعة زائدة ويتمايلون بها يمينا وشمالا متعرجين بين السيارات بسرعة تشبه في سرعتها «الطلقات النارية» ما يسبب وقوع حوادث شنيعة مع احتمال سقوط قائدها أرضا بين عجلات السيارات المزدحمة على اختلاف أنواعها وأحجامها. إن لم تجد هذه الحركة فستجد «أختها»، إذ سترى سائق الدراجة يقودها بسرعة جنونية، ثم يرتفع بها عن الأرض لمسافة عالية في الهواء، (أنا أقول العتب ليس على ذلك السائق، وإنما العتب على تلك الأفلام والمسلسلات الأجنبية والنسخ العربية المقلدة، التي باتت توضح لشبابنا بأن البطل القوي لابد أن يقود دراجة نارية بسرعة جنونية، ويقوم بعمل حركات بهلوانية بها).
ممارسة أخيرة وهي التي قد تقودك للجنون، وتشعرك بأن «هويتنا الإسلامية» فعلا قد قصفت بالطلقة النارية، عندما تجد شابة في مقتبل العمر تجلس في المقعد خلف صديقها على تلك الدراجة النارية... لن أتكلم عن تلك الحركة، فهناك دول إسلامية تركب فيها العائلة بكاملها على تلك الدراجة النارية (زوج وزوجته وأبناؤهما)، ولكن بطريقة محترمة لا تلفت الانتباه... أما في مجتمعنا فتجد تلك الشابة قد لبست ما خف من ملابس لتساعدها على الانطلاق في تلك السرعة الزائدة، فعندما ينطلق القائد يبدو لك من جسد صديقته ما يخجل المارون في الشوارع من رؤيته.
ما الحل لمثل تلك الممارسات الخاطئة، وماذا ينتظرنا من الممارسات في الأعوام المقبلة، بل الأشهر المقبلة، من قائدي تلك «الدراجات النارية» «المتهورون منهم»؟!.
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 2248 - الجمعة 31 أكتوبر 2008م الموافق 01 ذي القعدة 1429هـ