في يوم نقرأ تصريحا عن دفان المدينة الشمالية، وفي يوم آخر نسمع عن بدء المرحلة الأولى، وكأن الجهات المعنية وضعت على أرض الجزيرة جرافات ومكنات تدور وتحوم حول الجزيرة لإيهام الناس بأن أعمال مدينتهم الموعودة جارية على قدم وساق.
ولاستكمال الشريط الجميل، أعلنت الحكومة عن تصور رائع لا تجده إلا في أكثر الدول تطورا! ففي تلكم الجزيرة الموعودة سيجد المواطنون قطارات، بل وبيوتا تطل مباشرة على الشاطئ، وأنظمة مواصلات بحرية وبرية متطورة، وتجد أهالي الشمالية يقرأون الأخبار ولا تكاد أفواههم تفتر من التبسم والضحك، بل إن بعضهم أعلن أنه لم يخسر انتظار أعوام عجاف للحصول على وحدة سكنية لأنه سيكون في المدينة الشمالية التي تضم سواحل وحدائق غناء ومجمعات وخدمات لا تحصى، وكأنها ستكون تمهيدا للجنة التي وُعد بها المتقون لكي لا يفاجئوا بما ستضمه له من رغد وعيش بهيج!
مرت الأيام والحلم لايزال في مرحلة الخيال، وإذا بأخبار تتسرب عن بيع قطع من أراضي المدينة الشمالية، ولتبدأ بعد ذلك الأخبار المقلقة، ولكن الشماليين المساكين أضمروا حسن النية واعتقدوا بأن ذلك مجرد خبر سيمر مرور الكرام، وخصوصا أن مساحة المدينة الشمالية الشاسعة تتسع لكثير من المشروعات، ولا مانع من إلغاء مجمع أو جامع أو مكتبة مادامت المدينة ستبنى بطريقة أو بأخرى...
استمر الصبر على الأخبار الغامضة، ولكنه مل وكل حينما علم الشماليون أن بيوتهم المترفة المطلة على البحر ستتحول إلى شقق عمودية، لأن وزارة الإسكان رأت أنها أفضل طريقة لاستيعاب الأعداد الضخمة من المنتظرين على قوائم الإسكان! ومع الاعتراض الشديد على هذا التوجه، فإن الغموض لف حتى بيوت الشقق العمودية ولم يعد يسمع عنها شر ولا خير حتى ضاق المواطنون ذرعا.
ربما نكون قد فهمنا المشروع بالخطأ، فهو لم يتضمن بيوتا بالمعنى الحقيقي، ولربما كان المعنى في قلب الشاعر، فمناطق البحرين لا تحوي مقابر على النظام الغربي الحديث المترف، فما المانع من إقامة مقابر مطلة على البحر وتحوي أنظمة نقل حديثة لنقل الزائرين والمشيعين إلى المدينة الشمالية؟ وما المانع من إقامة نظام الشقق المقبرية التي تحوي أكثر من شخص على بعضهم بعضا، ليؤنسوا بعضهم بعضا، وهي خطوة مدروسة بدقة، فبعد أن يلاقي المشروع نجاحا سيكون هناك طلب من مختلف مناطق البحرين، ولا أدري هل سيكون البيت بنظام الإيجار أو التمليك أو ربما يكون على شكل هدية، وخصوصا أن القانون أقر أن يكون لكل بحريني منزل!
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 2248 - الجمعة 31 أكتوبر 2008م الموافق 01 ذي القعدة 1429هـ