عقدت الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان وبالتعاون مع مركز حماية الصحافيين - الأردن - أخيرا ورشة عمل تدريبية عن الحماية القانونية للصحافيين، وكنت حضرت دورة مماثلة في العام 2002.
في الدورة الأولى، في العام 2002، كنا في البدايات الأولى لعهد المشروع الإصلاحي، وكنا، نحن مجموعة من الإعلاميين والصحافيين والكتاب وبعض القانونيين نتوق إلى الحرية، حالمين في إصلاح يطال الجسد الصحافي ليعمل وفق منظومة تكون أولوياتها ضمان حرية التعبير وتنظيم العمل الصحافي في البلاد. ودارت الأيام، أربعة أعوام، كان فيها من الغبن والأذى للصحافيين وجرجرتهم في المحاكم ما يفوق ما كان قبل عهد الإصلاح!
الأسوأ على الإطلاق بالنسبة إلى الكتاب والصحافيين هو الجرجرة التي يتجرعون مرارتها في أروقة المحاكم نظير رأي أو موقف يتخذونه من أجل المصلحة العامة وصالح المجتمع. ولعل ما يزيد الطين بلة هو التأرجح بين المطرقة والسندان! مطرقة القوانين المكبلة للحريات وسندان خوف الناس وعدم وقوفهم مع الصحافي، وبالتالي تركه يواجه مصيره لوحده.
اليوم، كما هو حالنا بالأمس، يقف أحد الزملاء أمام القضاء. والزميل الذي اختلف معه في تفسير بعض الظواهر وحالات الاحتقان الاجتماعي في البلاد، وذلك حقه؛ وأيضا حقي في أن اختلف معه... ولكن واجبي وواجب الكتاب الصحافيين، وجمعية ونقابة الصحافيين، والمهتمين والجمهور، الذي طالما عبَر هذا الزميل العزيز بطريقة أو بأخرى عن مخاوفهم وهمومهم وتطلعاتهم، واجبنا جميعا هو الوقوف معه (اليوم) في ساحة المحكمة. وإنها دعوة لمن يختلف مع الزميل العزيز أكثر منها دعوة إلى من يتفق معه.
دور القاضي من الأهمية بمكان في التأسيس لدولة القانون والمؤسسات وحماية الحقوق والحريات، ودوره يكمن في استنباط الأحكام القانونية المناسبة للدولة التي تخوض غمار مرحلة انتقالية... إن القصد من النقد الذي يوجه إلى بعض المسئولين، وإن كان لاذعا في بعض الأحيان، الهدف منه المصلحة العامة. فالقصد والنية ما دامت متجه ناحية نقد أعمال الموظف العام فهو من الأشياء المباحة بل الواجبة بحسب العرف الصحفي. ويعتبر التقصير من قبل الصحافي في نقد هذه الظواهر بمثابة خيانة للقلم! فالصحافي هدفه الأساسي تنوير المجتمع وإماطة اللثام عن الحقيقة، والميثاق والدستور نصا على حرية التعبير.
في التاريخ الإسلامي الكثير من الحوادث التي تدل على وجود مثل هذا النقد، وهذه السيرة النبوية الشريفة والأحاديث الكثيرة التي تدل، بل تؤكد الحق في حرية القول والكتابة والنقد وإن كان لاذعا... وما جرى مع النبي (ص) في الكثير من المواقف يشير إلى ذلك.
إرهاب الكتاب والصحافيين بجرجرتهم في المحاكم، والقمع الذي تتم ممارسته عن طريق قانون (47) وقانون العقوبات لن يثني الصحافيين عن الكتابة والحديث حول معاناة الناس وآلامهم. ولن يثنيهم عن الدفاع عن حقوق الناس، في مجتمع يرنو إلى الحريات، وعلى رأس تلك الحريات حرية التعبير التي هي ركيزة أساسية في المجتمعات الديمقراطية. فلنحمِ الحريات وحرية التعبير منها على الأخص بتسجيل موقف مناهض لهذا القمع والإرهاب المتمثل في هذه القوانين الجائرة.
«عطني إذنك»...
نحن على ثقة في نزاهة واستقلال القضاء البحريني ومقدرته على التأصيل لدولة الحريات والقانون والمبادئ السامية. وبالمقابل فإن الحياة مواقف، والرجال تُعرف حين المواقف والنساء أيضا يعرفن في المواقف الصعبة. ومادامت الحياة مواقف فليدون التاريخ موقفا مشرفا في تاريخ الصحافيين البحرينيين بوقوفهم مع الزملاء الصحافيين (اليوم) أمام ساحات المحاكم.
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1633 - السبت 24 فبراير 2007م الموافق 06 صفر 1428هـ