في زحمة التعقيدات التي نمر بها، تثار بين الفينة والأخرى اسئلة، وتوجه أصابع الاتهام نحو فئة كبيرة جدا من مجتمع البحرين بأنها «مرتبطة بالخارج»، ودليل ذلك تعليق صور لزعماء غير بحرينيين هنا أو هناك. وعلى رغم أنني ضد رفع صور لزعماء من غير أهل البحرين في الاماكن العامة أو في دور العبادة، إلا أنني أعتقد أيضا بأن ربط التأثر فكريا بما يجري في خارج البحرين بموضوع خطير له علاقة بحب الوطن أو خيانته أمر في غاية الجهل وقد يكون أكثر من جهل... بمعنى أن من يقول ذلك يعلم أن مايقوله ليس صحيحا ولكنه يردده من أجل أهداف خاصة.
بادئ ذي بدء، فإن الجميع تقريبا يتأثرون بحوادث وبأفكار وبشخصيات من خارج البلد الذي يعيشون فيه... ومثل هذه التأثيرات لايمكن اعتبارها خطيرة إلا في حال كانت تؤدي إلى نشوء «فكر انفصالي»، بمعنى أن من يرفع صورة زعيم غير بحريني يسعى فعلا الى أن ينفصل عن بلده، أو يفصل جزءا من بلده أو كل بلده، ويلحقها بصورة الشخص الذي يرفع صورته. وفيما لو ثبت مثل هذا الأمر، فإن ذلك يعتبر أمرا خطيرا ولايمكن التهاون أمامه مهما كان الأمر، وفي أي بلد حدث مثل هذا الموضوع.
ولكن إذا كان رفع الصور هو تعبير عن تعاطف ديني أو وطني، فإنه لايخرج عن مساحة المشاعر والأحاسيس. فهناك من يرفع صورة هذا الشخص أو ذاك لأن الصورة متوافرة، وان الصورة ترتبط مع حدث ما أو بلد ما وهو يتعاطف مع ما يراه ويسمعه... ويتوقف الامر عند هذا الحد.
وحاليا فإن هناك من يؤيد أشخاصا مطلوبين عالميا، ولكنه يتقي بنفسه ويخفي تعاطفه ولايرفع الصورة. ولو قارنّا بين من يرفع صورة لعالم دين غير بحريني، وبين من يؤيد شخصا مطلوبا عالميا، فسنجد أن الأول ليس لديه الكثير ليخسره، وهو لايرى حرجا في إخفاء تعاطفه مع شخصية دينية - سياسية، بينما في الحال الثانية فإنك سترى أن هذا له مصالح كبيرة جدا، وله نفوذ مادي واسع، وفيما لو أفصح عن تعاطفه مع الشخصية المطلوبة عالميا فإن تلك المصالح ستتعرض للضرر. وفي كلتا الحالين، في حال الشخص الذي يظهر تعاطفه علنا، وفي حال الشخص الذي «يتقي» الآخرين ولايرفع صورة من يتعاطف معه، فإن الأمر لايتخطى حدود المشاعر التي قد تفيض بهذا الانسان أو ذاك فيهرع للتعبير عنها بإحدى الوسائل.
وعليه، فإننا جميعا نعيش الحال النفسية ذاتها، والبلدان التي يرفع أهلها صورا محلية تكون قوية بحيث تستطيع خلق رموز محببة للناس، وقد تكون هذه الرموز من رجال الدين او السياسة او الفن والتمثيل و الرياضة أو غيرها من جوانب الحياة العامة. وأملنا في ان نكون أقوياء بحرينيا بحيث لانحتاج الى رفع صور لشخصيات غير بحرينية، ونبعد الشبهات عن الذي يجاهر بمشاعره، وأيضا عن الذي يتقي ولايجاهر بمشاعره... ولو دققنا لوجدنا ان الامر لايتعلق بالطائفية - لان الممارسات مقلوبة - وانما له علاقة بشعور مختلط الجذور.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1633 - السبت 24 فبراير 2007م الموافق 06 صفر 1428هـ