شهدت البحرين أمس ثلاثة مهرجانات خطابية جميعها تحمل المطالب ذاتها المتمثلة في ضرورة حل الأزمة الإسكانية قبل فوات الأوان... أما الموازنة المطروحة أمام النواب حاليا فتشير إلى أن الحكومة خصصت 170 مليون دينار للعامين 2009 و 2010، إضافة إلى تخصيص 20 مليون دينار لتسديد قرض ستقترضه وزارة الإسكان بقيمة 400 مليون دينار، ما يعني أن المال الذي سيتوفر للإسكان خلال العامين المقبلين يصل إلى 570 مليون دينار.

لكن الموازنة غير مفصلة، ولم تخصص المال المطلوب مثلا للمدينة الشمالية التي اكتمل دفانها، ولكن تزداد الروايات حول مصيرها، إلى الدرجة التي قال متحدثون في المهرجان الذي نظمه مجلس بلدي الشمالية على ساحل أبوصبح مساء أمس إنها «حلم يتبدد».

نعلم طبيعة التحديات التي نواجهها جميعا، وكان جلالة الملك قد أشار في خطابه بمناسبة العيد الوطني في 16 ديسمبر/ كانون الأول 2001 (قبل سبع سنوات) إلى «الشروع في وضع وتنفيذ خطة وطنية كبرى للإسكان تستفيد منها أكثر من 50 ألف أسرة بحرينية وتشتمل على إنشاء أربع مدن جديدة بمواصفات سكنية وافية ومتطورة». وقد مثل هذا الهدف حلما وطنيا كبيرا، وكانت أولى الخطوات قد اتخذت في العام 2002 بوضع حجر الأساس للمدينة الشمالية، وأشير حينها إلى أن الهدف هو البدء بتوزيع أولى الوحدات السكنية في العام 2006.

نحن الآن في نهاية 2008، وقد منحنا الله هدية كبيرة في دخلنا الوطني في الفترة الأخيرة من خلال زيادة أسعار النفط بشكل لم يتصوره أحد... ولكن سعر النفط بدأ يهبط مرة أخرى، والفائض المالي المتوافر حاليا ربما يختفي فيما لو تغيرت العوامل الاقتصادية أكثر بسبب أزمة المال العالمية، وبالتالي فنحن نعود إلى المشكلة ذاتها التي كانت ماثلة أمامنا قبل سنوات عديدة، والتي يتطلب حلها بناء وحدات سكنية لعشرات الآلاف من الأسر البحرينية في مختلف مناطق البحرين.

إن الحكومة وأعضاء مجلس النواب أمامهم مسئولية كبيرة ويمكننا جميعا أن نكون طرفا في حل الأزمة من خلال توضيح الأمور حول واقع المشكلة التي تمر بنا حاليا، وهي مشكلة تفاقمت بسبب تأخير حلها، بحيث أن الحديث حاليا يتركز على تلبية طلبات «بعض» الأسر التي سجلت أسماءها في 1992 بواسطة «القرعة». إن الحل المطلوب مقدور عليه فيما لو توجهت الجهود نحوه، علما بأن عدم الالتفات إلى واقع الأزمة قد يؤدي إلى تأزيم مزمن لا نريده لبلادنا.