حديث مترابط وحوادث متعاقبة بسرعة فائقة، وبصورة تراجيدية منبثقة من رحم التحديات التي تواجه تطوير الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
بدأت مسيرة الإصلاح بطريقة صحيحة بطرح ميثاق للعمل الوطني على الشعب. ولكن واجهت مسيرة الإصلاح عدة منعطفات، وصلت إلى ذروتها أثناء انتخابات العام 2006 بالتصعيد غير المسبوق تجاه قوى مجتمعية وطنية. حيث كان أن وقفت الدولة بقضها وقضيضها خلف جمعيات وتيارات سياسية معينة (عناصر وتيارات وجمعيات الموالاة). تارة من خلال منحهم مكانة اجتماعية وسط المجتمع المحلي من خلال التصريحات بشأن بعض مشروعات تقيمها الدولة، وتارة أخرى من خلال تدوير خطباء المساجد ناحية دوائر يتنافس فيها مترشحون وطنيون، للتحريض ضدهم بأقذع عبارات التنديد بالعناصر الوطنية من خلال وصمهم بنعوت ما أنزل الله بها من سلطان!
كما تناثرت الأقاويل حتى بلغت حد التواتر بشأن توجيه العسكريين ناحية التصويت لمرشحين محسوبين على جهات معينة في الدولة. ناهيك عن أخبار تتناقلها الألسن عن وجود دعم مادي مفتوح لبعض المترشحين!
الانحراف السلطوي والاستحواذ على مقاليد الأمور فيما يخص العملية الانتخابية، والتشريعية والسياسية برمتها فيما بعد. أوصل الأمر إلى هذه الدرجة لا يصب في خانة الإصلاح. إذ الإصلاح عملية مستمرة في مجتمع، ظل فترة طويلة فاقدا للأهلية السياسية كما كان يرى النظام الحاكم. وبعد زوال عارض الأهلية السياسية كما يرى الحكم، فإن تطوير وتنمية العملية السياسية في المجتمع (الدولة والناس) هي عملية ينبغي استمرارها بوتيرة مختلفة، مع المحافظة على مكتسبات الواقع السياسي الراهن.
مجالات متعددة طرحت فيها حزمة ملفات تؤكد على عودة القهقري لمسألة الإصلاح في الميادين كافة. من تلك الملفات: حرية العمل السياسي والنقابي وحرمان موظفي الحكومة من تشكيل النقابات والتضييق على النقابيين، كما أن حرية العمل الأهلي من خلال اللجان الأهلية سيواجه أيضا تضييقا مستمرا، حرية الصحافة والتعبير ودونك التضييق على المدونات وإغلاق الصفحات الإلكترونية، ومنع نشر كتاب تاريخي للمناضل عبدالرحمن الباكر رحمه الله، ومنع ناشطين حقوقيين من البحرين كجمال عيد المدير التنفيذي لشبكة معلومات حقوق الإنسان، وأحكام القضاء بشأن الصحافة والتي يعتمد فيها القضاء على قانون العقوبات الذي صدر في عهد قانون أمن الدولة سيء الصيت. وملفات اقتصادية كبيرة كملف الإسكان والأراضي المنهوبة والموهوبة التي لا يعلم إلا الله مساحاتها وأسماء مالكيها وغيرها من معلومات. كما أن ملف غلاء المعيشة والارتفاع الصارخ لتكاليف الحياة المعيشية في مواجهة الدخل المتدني للمواطن البحريني.
طريق الإصلاح شاق، والتحديات كبيرة، وتحتاج إلى نفس طويل من الحكم، للوصول إلى الحكم الصالح الرشيد. مسألة الإصلاح تحتاج إلى قرارات استثنائية جريئة، وقد يكون من المناسب اتخاذ قرارات توصف في بعض الأحيان بأنها غير ديمقراطية (فوقية مثلا) لمزيد من الديمقراطية وحرية العمل السياسي ومواجهة التحديات الاقتصادية، وتحسين المستوى المعيشي للمواطن البحريني. وللعودة إلى جادة الطريق الصحيح الذي بدء بطرح «الميثاق» علينا العمل من أجل تطبيق مبادئ هذه الوثيقة التي حازت على رضا غالبية الشعب البحريني 98.4 في المئة. وليس القفز عليها أو تأويل نصوصها سياسيا بما يخدم طرف ضد آخر. وذلك لكي يخرج الجميع فائزا ولا خاسر بيننا!
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1632 - الجمعة 23 فبراير 2007م الموافق 05 صفر 1428هـ