لا يمكننا أن نمر على ما يجري في البحرين هذه الأيام من دون أن نرجع إلى خلفيات الأمور بهدف الوقوف على جذور المشكلات، مهما تكن صغيرة، لمعالجتها بصورة حكيمة، فما يجري من أعمال شغب يقوم بها بعض الشباب في مقتبل العمر يحتاج إلى مشاركة الجميع في تأطير المشكلة بصورة صحيحة ،ومن ثم وضع الحلول المناسبة والقائمة على مبدأ المشاركة المجتمعية.

لدينا مسببات كثيرة أدت إلى توتير الأجواء وبعض هذه المسببات يعود إلى الأسلوب الذي تتبعه بعض الجهات المحسوبة على الدولة والتي تستعدي عامة الناس وتخلق فجوة بين فئات من المجتمع ومؤسسة الحكم. والواقع أن كثيرا من هذه المشكلات ليست من النوع الخطير أو المستعصي، وكل ما تحتاج إليه هو تأسيس جسور للثقة بين إطراف فاعلة في المجتمع وأطراف مسئولة في الدولة بحيث يتم التطرق إلى ما يشوش الأجواء.

لاشك أن الحكومة تستطيع أن تقمع بالقوة - لو أرادت - ما يجري من أعمال شغب، ولكن القوة لها كلفتها السياسية والاجتماعية، خصوصا ان هناك أطرافا داخل صفوف المتنفذين، وداخل فئات المعارضة،تسعى إلى ازدياد الأمور سوءا لكي تستفيد من الأجواء التي ستصاحب ذلك. نحن بحاجة إلى أن نعرف بصراحة من يقف خلف تعطيل مصالح الناس على الشوارع العامة من خلال حرق بعض الإطارات ورميها أمام السيارات. واعتقد أن الشباب بالإمكان الوصول إليهم فيما لو تحرّك الفاعلون على الساحة الأهلية.

هناك من يعتقد أن سياسة التهميش الرسمية لفعاليات المجتمع، واعتماد بعض الأوساط الحسّاسة في الدولة على أناس يسترزقون من استشاراتهم الخائبة التي تتجه نحو تفريق المجتمع وتخوين هذا الطرف أو ذاك، كل ذلك يقف خلف عدم اكتراث من لديهم تأثير فعلي في التحرك نحو حل المشكلات التي بدأت تزداد في الفترة الأخيرة. ولكن هذا الطرح - رغم صحة جانب منه - إلا أنه قصير النظر؛ لان «البلاء يعم»، وما يحدث بشكل محدود هذه الأيام قد يتطوّر إلى أمور أخرى بصورة مفاجئة فيما لو حدث مكروه ما أو سوء فهم كبير، وبالتالي فإن الحسرة والندامة لن تنفع لاحقا.

إننا بحاجة إلى أجواء حميمية من كل جانب؛ لإفساح المجال نحو معالجة عدد من الأمور التي تتطلب المصارحة والعقلانية. فهناك إشكالات من هذا الطرف أو ذاك، ولكن هذه الإشكالات يمكن التعامل معها وحلحلتها من خلال شراكة مجتمعية تبني الجسور مع الجهات المسئولة، ويمكن من خلال ذلك تعزيز الأمن والاستقرار، مع المحافظة على الحقوق المشروعة.