ذكر عضو اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس النواب النائب جاسم حسين أن «ظاهرة التضخم - أي ارتفاع الأسعار وبقائها مرتفعة - حقيقة مرة في مملكة البحرين»، منوها إلى أن «الأدهى من ذلك أنه لا يلوح في الأفق مخرج لهذه الأزمة في الوقت الحاضر على أقل تقدير، وذلك نظرا للظروف التي تمر بها البلاد من قبيل النمو الاقتصادي وتوافر السيولة وتداعيات ارتفاع أسعار النفط على البلدان المصدرة»، جاء ذلك لدى مشاركته بالإضافة إلى الأمين العام لجمعية وعد إبراهيم شريف في ندوة «ارتفاع الأسعار... الأسباب والمعالجات»، التي نظمها منتدى «وعد» السياسي مساء أمس الأول (الخميس).
واستعرض حسين في مشاركته أسباب التضخم، وبين أن «غالبية أسباب التضخم تعود لأمور دولية مثل ارتباط الدينار بالدولار، والمعروف أن الدولار بدأ بالتراجع في أعقاب حوادث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول من العام 2001، ويرتبط تراجع قيمة الدولار بتوجهات من بنك الاحتياط الاتحادي الأميركي لغرض جعل السلع والمنتجات الأميركية أكثر رواجا في الخارج الأمر الذي يساعد في تنشيط الدورة الاقتصادية في الولايات المتحدة، ويشكل تدني قيمة الدولار مقابل بعض العملات الرئيسية الأخرى مثل اليورو والجنيه الاسترليني والين خسارة عند استيراد السلع والمنتجات والخدمات من دول منطقة اليورو وبريطانيا واليابان.
واوضح حسين انه يعتقد بشكل عام بأن أكثر من ثلث الواردات القادمة إلى البحرين تأتي من دول لا ترتبط عملتها بالدولار مثل السيارات والأجهزة الواردة من ألمانيا واليابان. بالإضافة إلى ذلك فإن من أسباب التضخم ما هو مرتبط بتداعيات ارتفاع قيمة النفط الخام في الأسواق الدولية، إذ ان ارتفاع أسعار النفط يشكل في جانبه نقمة وليس نعمة في كل الأوقات، وعليه يعد ارتفاع أسعار النفط سلاحا ذا حدين, إذ يجب تحمل تداعيات ارتفاع كلفة التشغيل في الدول المصدرة للسلع والمنتجات والخدمات المصدرة، فضلا عن ذلك هناك مسألة نمو الاقتصاد العالمي، وخصوصا في دول مثل الصين، وقد تبين أن الناتج المحلي الإجمالي للصين حقق نموا بنسبة 10 في المئة في العام 2006، ويشار هنا إلى أن زيادة الطلب الصيني على بعض المنتجات الأولية والتي يتم استخدامها لاحقا في إنتاج سلع كاملة يؤدي إلى حدوث ارتفاع نسبي للأسعار، إذ تفضل بعض الدول المصدرة للمنتجات الأولية التعامل مع الاقتصاد الصيني لكونه أحد أكثر اقتصادات العالم نموا بدل الاعتماد على اقتصادات صغيرة مبعثرة هنا وهناك».
ولم يخف حسين وجود أسباب محلية لارتفاع الأسعار، إذ أرجع الأسباب المحلية إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي فضلا عن مستوى انكشاف اقتصادنا الوطني على التجارة الدولية، وأشار إلى أن «الناتج المحلي الإجمالي للبحرين حقق نموا حقيقيا قدره 7.8 في المئة في العام 2005، ومن المتوقع أن يكون هذا الناتج سجل نموا في حدود 6 في المئة في العام 2006»، منوها إلى ان «هذه النسبة في النمو تعتبر عالية، إذ انها تشكل ضغطا على الطلب ومن ثم الواردات».
وبين حسين أن من الأسباب المحلية للتضخم ما أسماه بـ»التدخل الحكومي في الاقتصاد»، وأوضح أن «القطاع العام يلعب دورا محوريا في الاقتصاد المحلي ما يعني أن تصرفات الحكومة تترك أثرها على الأوضاع الاقتصادية، وبحسب تقرير الحرية الاقتصادية للعام 2007 فان الاقتصاد البحريني يعاني من مشكلة التواجد النسبي الضخم للقطاع العام في الاقتصاد المحلي.
وقد لاحظ التقرير أن حجم المصروفات الحكومية بما في ذلك الاستهلاك والتحويلات يشكل نحو 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في البحرين»، ورأى أن «التدخل الحكومي في الاقتصاد من شأنه تقليص هامش الحرية الممنوحة للأفراد ومؤسسات القطاع الخاص، وقد يترتب على ذلك إمكان حصول الجهات الرسمية على شروط خاصة ربما لا تكون متوافرة للناس العاديين أو على حساب القطاع الخاص، إذ ان ارتفاع قيمة المصروفات الحكومية يعني زيادة محتملة في أسعار السلع والخدمات».
وعرج حسين للحديث عن معالجة تداعيات التضخم، وقال: «اتخذت بعض دول مجلس التعاون قرارات للحد من تداعيات ظاهرة التضخم، إذ قررت السلطات القطرية تحديد الزيادة السنوية في قيمة الإيجارات بواقع 10 في المئة كحد أقصى بدءا من العام 2006، وقررت السلطات في دبي تحديد الزيادة السنوية للإيجارات عند مستوى 7 في المئة بدءا من العام 2007، كما تضمنت الخطوات الأخرى في قطر والإمارات رفع رواتب العاملين في القطاع العام.
وفي المقابل لم تتخذ السلطات في البحرين خطوات ملموسة للحد من آثار أزمة التضخم باستثناء بعض الخطوات الخجولة. على سبيل المثال, أصدرت وزارة الصناعة والتجارة قرارا يلزم أصحاب بيع التجزئة بالإعلان عن الأسعار بشكل واضح وجلي وباللغة العربية على أن يكون ذلك على السلعة أو على أغلفتها أو على بطاقة توضع على السلع، كما أن المطلوب من أصحاب المتاجر تعليق جدول عند مدخل المحال التجارية يتضمن بيانا بالسلع المعروضة للبيع فضلا عن الأسعار».
ورجح حسين أن «تواجه الحكومة مشكلة في تنفيذ القرار خصوصا فيما يتعلق بمحلات بيع الخضار والفواكه»، معبرا عن أمله في أن «تساهم هذه الخطوة في الحد من ظاهرة التضخم عن طريق إرسال رسالة مفادها أن مفتشي الوزارة سيتحرون من دقة الأسعار».
وأشار حسين إلى ان لجنة مراقبة الأسعار التي شكلتها وزارة التجارة والصناعة لا تعدو كونها حبرا على ورق، وأفاد حسين نقلا عن مصدر في الوزارة أن «الدعم الحكومي للدجاج يصل إلى 50 فلسا».
وفي مداخلته، انتقد الأمين العام لجمعية «وعد» إبراهيم شريف غياب الجهة الرسمية المعنية بدراسة أرقام التضخم، وقال: «أرقام التضخم في البحرين للعام 2006 متضاربة، إذ ان مجلس التنمية الاقتصادية تحدث عن أن نسبة التضخم تصل إلى 2.7 في المئة، فيما أشار البنك الدولي إلى ان النسبة تصل إلى 2.6 في المئة، وبحسب بنك الكويت الوطني فإن هذه النسبة تصل إلى 5 في المئة، وفي المقابل لم تصرح الحكومة عن أية أرقام». وحمّل شريف وزارة التجارة والصناعة مسئولية مراقبة الأسعار وتوفير المعلومات المتعلقة بذلك.
العدد 1632 - الجمعة 23 فبراير 2007م الموافق 05 صفر 1428هـ