العدد 2248 - الجمعة 31 أكتوبر 2008م الموافق 01 ذي القعدة 1429هـ

شبابٌ يتخذون من المنتديات الإلكترونية منفذا لنشر هواياتهم

عندما تبحر في فضاء الإنترنت، وترى صورا فنية واحترافية، وتصاميم إبداعية مختلفة، موقعة بأسماءٍ مستعارة، فلا تتعجب من ذلك، فلقد باتت هذه الظاهرة منتشرة في المنتديات الإلكترونية، وأصبحت الأسماء المستعارة طريقا للكثير من الشباب، ذكورا وإناثا لنشر ما تصنعه أناملهم من إبداعٍ.

والمتتبع لتلك المنتديات يلحظ أن هناك الكثير من الأسماء المستعارة استطاعت أن تكوّن جمهورا ينتظر بفارغ الصبر ما تنشره على صفحات المنتديات، سواء أكانت قصصا أو صورا أو تصاميم...الخ

فالسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان، ما الذي يدفع هؤلاء المبدعون للتخفي وراء أسماءٍ مستعارة، بدلا من الظهور بأسمائهم الحقيقية، التي قد تجعل من المسئولين الحاضن لتلك المواهب وتنميتها.

أخشى من العادات والتقاليد

فها هي إحدى المهتمات في مجال التصوير، والمولعة به، تتخذ لنفسها اسم «bahrain star» لتشارك في المنتديات الإلكترونية، وتنشر الصور التي تلتقطها عدستها بهذا المسمى.

«bahrain star» التي لم تتجاوز 18 عاما تجيب عن سبب اختبائها وراء اسم مستعار غير معروف: «لأنني حواء وأخشى من أن يذاع اسمي الحقيقي في كل مكان، فضلا عن العادات والتقاليد التي يتسم بها مجتمعنا تمنع ظهور البنت باسمها الحقيقي».

وفكرت «bahrain star» غير مرة أن تظهر باسمها الحقيقي، إلا أنها ما زالت تفكر في هذا الأمر.

وتقول إن كل شخص مبدع يحتاج إلى الصبر كي يظهر للناس باسمه الحقيقي، ولابد من تشجيعه وتحفيزه على مواصلة طريقه في حياكة الإبداع.

ولعل العادات والتقاليد ليست هي السبب الرئيسي وراء هذا التخفي، فالبعض يلجأ إلى كتابة أسراره وهمومه عبر الاسم المستعار.

«أحلاهم» عضوة في أحد المنتديات الإلكترونية، مهتمة بمجال كتابة الخواطر، والكتابات النثرية، تقول عن سبب اختيارها للاسم المستعار بدلا من اسمها الحقيقي: «ليس للعادات والتقاليد سبب في اختبائي بالاسم المستعار، لكن أسراري تكمن في كتاباتي، فأفضل أن أكون منزوية تحت اسم مستعار».

«أحلاهم» لا تفكر في تغيير مسماها؛ لأن جميع من في المنتديات التي تشارك فيها عرفوها بهذا الاسم، وأصبح كأنه اسمها الحقيقي، وهي تستخدمه لتفريغ شحنات الكبت الموجودة بداخلها، وتشير إلى أن إبداعها ليس سوى فضفضة عما بداخلها من مشاعر.

كتب قصة من 24 جزءا

«شخص ثاني» و «الساهر» اسمان مستعاران اتخذهما شاب لم يتجاوز عمره 20 عاما، يشارك بهما في عدد من المنتديات الإلكترونية، وينشر ما يكتبه من أشعار وخواطر، وقد انتهى حديثا من كتابة قصة أسماها «قصة وسام» مؤلفة من 24 جزءا.

يعلل سبب انطوائه خلف هذه الأسماء المستعارة قائلا: «منذ أن دخلت إلى عالم الشبكة العنكبوتية وأنا أدخل بأسماء مستعارة، فتعودت على هذا الأمر، إضافة إلى أنني لا أريد أن يعرفني أحد باسمي الحقيقي، ولا سبيل لذلك إلا بالأسماء المستعارة».

الشابة «rooose13» التي تعمل على برامج مخصصة للتصميم، تؤكد أن من الأفضل أن يظهر الشخص باسمه الحقيقي، ولا تجد ضررا من ذلك، لكنها اعتادت على استخدام هذا المسمى المستعار، وكثيرٌ من الناس عرفوها به، لذلك تفضل المشاركة به دائما.

الشباب يخافون من الصدمة

ولعل ما ذكره الشباب من أسباب للتخفي بالأسماء المستعارة ليست كالأسباب التي يراها الاختصاصي الاجتماعي سيدعاشور سيدعلي، ففي تصوره ليس بالإمكان حصر الأسباب بشكل مطلق ونهائي، فهناك أسباب كثيرة وتختلف من مجتمع لآخر.

ويوضح سيدعلي أن: «الخوف من الصدمة والانتقاد اللاذع يجعل الشباب هاربين من المواجهة، فهم يخوضون تجربة أولى في كتابة الشعر أو الرسم ويخشون من الصدمة بعدها»

ويشير سيدعلي إلى أن هناك الكثير من الخامات الشبابية المبدعة والموهوبة، لكنها تخشى من الظهور على أرض الواقع، فتتخذ من شاشات الحاسوب منفذا لبث مواهبها، وهنا تكمن مأساة التكنولوجيا، فطبيعة مجتمعاتنا العربية تحبط من عزم الموهوبين ولا تهتم بهم، فيلجئون إلى طريقِ آخر يتصورون أنه سيمنحهم الاهتمام الأكبر، وقد يكون عدم وجود الداعم لتلك الخامات والمساعد لظهورها على الواقع واحدا من الأسباب، على حد قوله.

ويذكر سيدعلي: «هناك عدد من الشباب الذين أعرفهم، ينافسون الكبار في رسوماتهم ومواهبهم، لكن المشكلة تكمن في عدم رغبتهم في الظهور على أرض الواقع»

العادات والتقاليد ليست سببا

وعمَّا إذا كانت العادات والتقاليد سببا في عدم ظهور الفتيات أو حتى الشباب بأسمائهم الحقيقة لفت سيدعلي إلى «أن هذه الأفكار أصبحت قديمة، ولا يقاس عليها؛ إذ إن مجتمعاتنا صارت منفتحة أكثر من السابق، وبعض الشباب يتوهمون أن العادات والتقاليد تمنعهم من الخروج إلى الواقع، ولو أنهم حاولوا الظهور بأسمائهم الحقيقية لرأوا أن الأفكار التي كانت في أذهانهم ليست سوى أوهام وتخيلات». وأضاف «الفرد في مجتمعنا يبني الخوف من التجربة قبل أن يخوض فيها».

العدد 2248 - الجمعة 31 أكتوبر 2008م الموافق 01 ذي القعدة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً