أكد المشاركون في مؤتمر شباب الخليج والطريق إلى الديمقراطية الذي نظمه القطاع الشبابي يجمعية المنبر التقدمي بالتعاون مع جمعية الشبيبة البحرينية أمس في مقر جمعية المنبر أن منطقة الخليج العربي أصبحت مركزا لانطلاق الحروب التي تجلب الدَّمار.
وأوضح نائب رئيس منظمة اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي (وفدي) عمر ذيب أن الخليج العربي يعاني من مشاكل كبيرة أبرزها استخدامه ساحة للقواعد العسكرية ومنطلقا للكثير من الحروب التي تجلب الموت والدمار لشعوب المنطقة، مشيرا إلى أن هذه الحروب تكلف منطقة الشرق الأوسط مليارات الدولارات سنويّا.
وأشار ذيب إلى أن منظمة «وفدي» المنتشرة في 144 بلدا حول العالم تسعى إلى توحيد الجهود المختلفة وتعميق التضامن الأممي بين شعوب العالم في نضالها نحو المستقبل وذلك للحفاظ على الأمن والسلام العالميين.
وذكر ذيب أن «وفدي» نظم عشرات النشاطات والفعاليات الدولية بشكل سنوي نحو العالم، مبينا أنه من ضمن نشاطات الاتحاد المقبلة تنظيم زيارة دولية تضامنية لفلسطين بمشاركة أوروبية تضامنا مع الشعب الفلسطيني الصامد في وجه الاحتلال والقتل والاضطهاد، كما يحضِّر الاتحاد لنشاط دولي كبير في كوبا تضامنا مع الأسرى الكوبيين المعتقلين في أميركا.
وأشار ذيب خلال المؤتمر إلى أن الأزمة الاقتصادية التي نشأت في الأسواق المالية والاقتصاد الوهمي انتقلت بسرعة إلى الاقتصاد الحقيقي ليدفع ثمنها بذلك العمال وصغار الموظفين حول العالم.
نضال شعب البحرين يعود إلى مطلع قرن العشرين
من جانبه، ذكر رئيس جمعية الشبيبة البحرينية حسين العريبي نبذة عن نضال شعب البحرين في التاريخ الحديث الذي يعود إلى مطلع القرن العشرين حينما انتفض الغواصون ضد الاستغلال الطبقي الذي كان يجسده صاحب السفينة، مبينا أن تلك الانتفاضة كانت الشرارة الأولى لمسيرة شعب البحرين النضالية، فمن استغلال صاحب السفينة إلى استغلال أوسع وأشمل تمثل في الاستعمار البريطاني.
وأضاف العريبي «إن في غمرة كل ذلك لم تخمد مبادئ التحرر في روح الشعب البحريني طيلة العقود الثلاثة الماضية، حتى تمخض عن ذلك مشروع ميثاق العمل الوطني الذي يشكل مبادرة من الحكم للمصالحة الوطنية، تدب على إثرها الروح للحياة المدنية في البحرين وتبيض السجون ويعود المنفيون، ويفرج عن الحريات المقموعة».
وأكد العريبي أن كل التحولات السياسية لم تكن لتتحقق لولا تضحيات شعب البحرين، مضيفا «إن الأهم هو عنوان تجمعنا التاريخي الذي يحمل عنوان شباب الخليج والطريق إلى الديمقراطية إذ إن في غمرة التصريحات الرسمية عن أجواء الانفتاح والتعددية والديمقراطية لابد أن نقف سويّا ونشخص ما يعنى بالديمقراطية في ظل أنظمة مازالت تمارس التمييز على شرائح واسعة من شعوبها، والمحسوبية والفسادين الإداري والمالي إلى جانب التحالف مع القوى الإمبريالية لتلك المناطق واستهلاك مقدراتها النفطية».
وأشار العريبي إلى أن دول الشرق الأوسط باتت تتسابق وتعاند بعضها بعضا لإرضاء الولايات المتحدة وإن كان الثمن حرية الشعب واستقراره.
وقال العريبي: «إن شباب الشبيبة من هذا المنبر يعلنون رفضهم أية تسوية سياسية لا تراعي حق الشعب الفلسطيني في نيل جميع أراضيه المحتلة (...)نحن كشباب نرفض التطبيع المجاني ونحذر في الوقت ذاته من التماهي التدريجي في مشروعه من قبل الأنظمة المترهلة مستغلة بذلك غفلة شعوبها المنغمسة في تأمين رزقها اليومي»
كما أعلن العريبي أن الشبيبة البحرينية تسعى إلى تشكيل جبهة شبابية خليجية تقدمية تسعى إلى الاشتراك في تطبيق هذه الثوابت وتقف سدّا منيعا لأي مخطط لشن حرب جديدة على المنطقة التي باتت مشاعا للقوى الإمبريالية.
السياسة الأميركية ونتائجها في
منطقة الخليج بعد 11 سبتمبر
إلى ذلك، تحدث عضو المنبر التقدمي عبد النبي سلمان عن مسار العالم بعد أحداث 11 سبتمبر / أيلول الذي بدأ بغزو أفغانستان 7 أكتوبر / تشرين الأول وبعدها شن الحرب على العراق 19 مارس / آذار، مبينا أن العراق كان المحطة الحقيقية للانطلاق نحو الاستراتيجية الكونية إذ تم نشر الفوضى في كل العراق إلا وزارة النفط وحقول آبار النفط ومصافي النفط.
وأشار سلمان إلى أن ما يجري هو لمصلحة ترسيخ النظام العالمي الجديد الذي أعلنه جورج بوش – الأب العام 1991 وفق عقيدة مونرو، وذكر سلمان أن التوجهات الاقتصادية الجديدة في أميركا بدأت بعودة تدخل الدولة في الاقتصاد العالمي وفرض قيود على سوق المال كما حدث ابان أزمة 1929-1932.
وتطرق سلمان في ختام حديثه إلى نتيجة استطلاع سنوي نشرته صحيفة «The International Herald Tribune» عن كيف تبدو أميركا في عيون العرب الذي أجرته جامعة ميولاند بالاشتراك مع مؤسسة الزعبي إنترناشونال والذي شمل عددا من البلدان العربية، منها خليجية، مبينا أن 83 في المئة ينظرون بسلبية شديدة إلى السياسة الأميركية، و 70 في المئة لا يثقون بما تقوله أميركا، وأن 65 في المئة لا يصدقون أن الهدف الفعلي لأميركا هو الدفع الجدي بالعملية الديمقراطية في المنطقة.
الصراع العربي في مواجهة الإمبريالية
من جهته، قال مسئول العلاقات العامة الخارجية بالحزب الشيوعي مفيد قطيش في ورقته عن الصراع العربي في مواجهة الإمبريالية (لبنان نموذجا) «إن المقاومة في لبنان والبلدان العربية تكتسب أهمية خاصة في اللحظة الراهنة ففي لبنان صحت الحكومة مؤخرا وطالبت أميركا بالضغط على «إسرائيل» للانسحاب من مزارع شبعا ووضعها تحت رقابة الأمم المتحدة ووضع حد لاحتجاز عدد من المقاومين اللبنانيين في السجون الاسرائيلية، من جهة أخرى بدأت محادثات غير مباشرة وبوساطة تركية بين سورية و»اسرائيل» وبسبب الاعتقاد السائد في لبنان بارتباط المقاومة المسلحة في لبنان باحتلال اراض لبنانية ووجود أسرى في سجون العدو الاسرائيلي فإن حل هاتين المسألتين من شأنه أن يطرح السؤال بشأن ضرورة استمرار المقاومة والتمسك بسلاحها».
وأضاف «ينبغي الاعتراف بأن بعض القوى المقاومة قدمت الحجة لطرح مثل هذا السؤال عندما ربطت المقاومة بالاحتلال الاسرائيلي المباشر للأرض(...)، إن في البلدان العربية جرى صراع طويل بشأن خيار المقاومة منذ كانت البلدان العربية تحت الانتداب الأجنبي مرورا بنكبة فلسطين وصولا الى مواجهة الاعتداءات والحروب الاسرائيلية المتواصلة».
الرهانات الديمقراطية والواقع المعاصر
في المجتمعات العربية
وبعد أوراق العمل التي قدمت خلال الافتتاح تم فتح جلسات السيمنار التي بدأت بتقرير عن المشروع الأميركي في المنطقة والذي عرضه رئيس الشبيبة حسين العريبي، كما كانت هناك مداخلة للباحث والكاتب السعودي علي طالب إذ قدم ورقة عن الرهانات الديمقراطية والواقع المعاصر في المجتمعات العربية.
وفي هذا الصدد قال طالب: «إنه بلا شك فإن الديمقراطيّة تشكل مفتاح الحل لأهم المشكلات التي يعيشها العالم العربي على جميع الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعيّة، فهي لا تعيد النظر في صياغة النظام الإداري فحسب بقدر ما هي هويّة ثقافية تتبلور عبر تراكم التجربة الإنسانيّة والاجتماعيّة معا لتشكل بذلك الوعي الديمقراطي إلا أنه على رغم أن القرار السياسي الإصلاحي الذي قد يساهم في دفع عجلة الحياة إلى الأمام في حال تبنيه الديمقراطيّة فإن ذلك لا يفي بالغرض فذلك أشبه ما يكون بظاهراتية الروح».
وأكد طالب أن المجتمعات العربية والإسلاميّة باتت القناعة لديها تأخذ طريقها إزاء الديمقراطيّة باعتبارها النظام الذي يلبي حاجاتها ومتطلباتها على جميع المستويات، مشيرا على حد قوله إلى أن أميركا اليوم أصبحت مصدر المشكلات بعدما كانت تبشر العالم بأسره بحل المشكلات.
وضع المرأة في الخليج
من جانبها قدمت الناشطة النسائية السعودية حنان الشيخ ورقة عن «أوضاع المرأة في الخليج والمجتمع السعودي نموذجا» متطرقة إلى معاناة المرأة الخليجية ومؤكدة أن هذه المعاناة لا تختلف عن معاناة المرأة العربية وذلك لعيش كل نساء العرب ظروفا واحدة في ظل طبيعة أنظمة المجتمعات الذكورية، مبينة أن بقايا ورواسب أنظمة القرون الوسطى لاتزال عالقة ليس في دول الخليج والجزيرة العربية وحدهما وانما في مجمل ظروف المرأة ومعاناتها.
وتناولت الشيخ ثلاثة أركان رئيسية تجاه حقوق المرأة، وهي: المساواة في التعليم بين الرجل والمرأة واشكال العنف ضد المرأة والعمل على إنجاز قانون عصري للأحوال الشخصية.
محطات من تاريخ نضال المرأة البحرينية
من جهتها قدمت لينا بقارة من جمعية الشبيبة ورقة عرضت لمحطات من تاريخ نضال المرأة البحرينية، مؤكدة فيها أن المرأة البحرينية تغيرت تغيرا جذريّا فقد حصلت على الكثير من حقوقها كحق الانتخاب والترشح للانتخابات النيابية والبلدية ما يكفل لها حق المشاركة السياسية بعد أن كان هذا الحق مسلوبا منها بموجب قانون انتخابات المجلس الوطني العام 1973 إلى جانب أن المرأة البحرينية وصلت إلى مناصب عليا كانت مقتصرة على الرجال في السابق كمنصب وزيرة وقاضية وسفيرة.
كما تطرقت بقارة إلى حقوق المرأة البحرينية المسلوبة إذ إنها مازالت تعاني من التمييز الواقع عليها والمتجلي في عدم وجود قانون للأحوال الشخصية ليحفظ حقوقها ضد ظلم الزوج، إلى جانب التطرق إلى العقبات التي تعترض طريق مشاركة المرأة البحرينية في الحياة السياسية والتي كانت بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية المتوارثة وغياب القوانين المنصفة للمرأة.
وذكرت بقارة أن الجمعية تعمل على إقرار قانون الأحوال الشخصية ورفع تحفظات مملكة البحرين على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) وتفعيلها إلى جانب عملها على إقرار الكوتا النسائية في الانتخابات النيابية والبلدية بشكل مؤقت كخطوة أولى في طريق توعية المجتمع بقدرات المرأة فضلا عن محاولتها تعديل القوانين المجحفة بحق المرأة واستحداث قوانين تتفق مع مبادئ حقوق الإنسان تتعلق بتجريم العنف ضد المرأة بكل أنواعه.
العدد 2248 - الجمعة 31 أكتوبر 2008م الموافق 01 ذي القعدة 1429هـ