يتحدث الكثيرون هذه الأيام عن القانون والحصانة بشقيها: الحصانة المطلوبة، والحصانة المرفوضة، وما يتفرع عنهما من «حصانة الشارع» و «حصانة العرف» و«حصانة النفوذ» وغيرها.
وقبل أن نخوض في هذا «الخضم» دعونا نتعرف على ما تعنيه كلمة «الحصانة»، لنكون أكثر إلماما بهذا المصطلح الشائك.
يقول «المعجم الوسيط» الجزء الثاني صفحة 180:
حصَّن المكان، حصانة: منع، فهو حصين.
حصَّن الشيء، منعه وصانه.
تحصَّن: اتخذ له حصنا ووقاية.
تحصَّن بالحصن، احتمى به.
بعد هذا التعريف البسيط والواضح لمصلح «الحصانة» ندرك أن «صاحب الحصانة»، أو من يُعطى حصانة، شخص مصان، ويتمتع بالحماية والوقاية من أي شيء يمس شخصه ومن أي مصدر كان، فهو لا يخضع لسجن أو توقيف أو مساءلة من أية جهة، وهذا - في اعتقادي - خلاف العدالة التي تقتضي مجازاة من اقترف ذنبا أو قارف جريمة كغيره من الناس، إذ إن القانون فوق الحصانة وليس العكس، كما هو جلي لدى كل ذي بصيرة.
أما أن تتخذ الحصانة سترا وحجابا يحول دون معاقبة المجرم، فهو عين الظلم كما أفهم، لأنه يتضمن تمييزا بين شخص وآخر في العقوبة لاعتبارات معينة، وهذا من شأنه أن يفاقم الجريمة في المجتمعات.
صحيح أن الحصانة لا تُعطى لمن «هب ودب»، إذ إنها تعطى لأصناف خاصة من الناس ذوي الخصوصيات المعينة، ولكن هذه الأصناف من الناس ليسوا «معصومين» من الخطأ، وأن ذواتهم غير مصونة لا تمس ولا تقبل المحاسبة، وبالتالي لا تخضع للمعاقبة.
وماذا عن القانون؟
معلوم أن القانون يستمد قوته وفاعليته، واحترامه ومقبوليته من خلال تطبيقه على الجميع من دون استثناء، ليشعر كل فرد في المجتمع أنه غير مستثنى من الجزاء بنص القانون الذي يحمي المجتمع قبل الفرد ويشعره بالأمان والطمأنينة. أما الاستثناء فإنه يخلق حالا من عدم الاستقرار تنعكس سلبا على كل أفراد المجتمع.
خلاصة الكلام، أن مجتمعنا البحريني في أمسِّ الحاجة إلى إعادة النظر في موضوع «الحصانة» و «القانون» لكي ينعم الجميع بالأمن والأمان في ظل ارتفاع معدل «الجريمة» بأنواعها المختلفة مقارنة بصغر مجتمع البحرين، فهل يتحقق هذا الطلب؟ ومتى؟
إقرأ أيضا لـ "علي الشرقي"العدد 1631 - الخميس 22 فبراير 2007م الموافق 04 صفر 1428هـ