نسجّل عبر هذا المقال أسباب معارضتنا لتطبيق مشروع الاتحاد النقدي بين دول مجلس التعاون الخليجي في بداية العام 2010. يشار إلى أن البيان الختامي لقمة دول مجلس التعاون والتي عقدت في الرياض في نهاية العام 2006 أكد تنفيذ مشروع الاتحاد النقدي ،ومن ثم إصدار العملة الموحدة في الموعد المحدد.
شروط مجحفة
يتضمن مشروع الاتحاد النقدي مجموعة من المعايير تتمثل في تقييد الدين العام بنسبة 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. كما أن الدول ملزمة بالتأكد من عدم ارتفاع العجز في الموازنة العامة بنسبة 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. والمطلوب أيضا من الدول الأعضاء في الاتحاد النقدي، ضمان عدم ارتفاع مستوى التضخم عن متوسط الدول الأعضاء زائد 2 في المئة. كما ينبغي ألا تزيد أسعار الفائدة على متوسط أدنى ثلاث دول زائد 2 في المئة. والمطلوب من الدول الاحتفاظ بقدر من الاحتياطي يغطي قيمة واردات لمدة أربعة أشهر.
بحسب المعلومات المتوافرة تعاني البحرين صعوبة في التقييد بشرط الاحتفاظ باحتياطي يغطي قيمة واردات لفترة أربعة أشهر كحد أدنى. بلغت قيمة واردات العام 2005 لفترة أربعة أشهر مليارين و600 مليون دولار. في المقابل، واستنادا على أرقام صندوق النقد الدولي, احتفظت البحرين بنحو مليارين و100 مليون دولار من الاحتياطي.
يشار إلى أن سمو ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة كان قد أشار في مقابلة له مع دورية تابعة لمؤسسة «ماكينزي» الأميريكية في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي إلى صعوبة تنفيذ المشروع في الموعد المحدد. وربط الشيخ سلمان المسألة بوجود مشكلات فنية وليست الإرادة السياسية. بدورنا نتفق مع ما ذهب إليه ولي العهد ونأمل أن نسمع المزيد منه في هذا الخصوص.
من جهة أخرى، قررت عمان الانسحاب من المشروع - أو على أقل تقدير تأجيل الانضمام إليه - حفاظا على مصالحها الاقتصادية. ترغب عمان في أن تكون في حل من أمرها لرفع مستوى الدين العام أو العجز في الموازنة حتى يتسنى لها معالجة تحدياتها الاقتصادية مثل تنشيط الاقتصاد وبالتالي توفير فرص عمل للمواطنين.
بعض السلبيات
تتمثل سلبيات الاتحاد النقدي في عدم قدرة أية دولة من الدول الأعضاء معالجة مشكلاتها الاقتصادية بمنأى عن الدول الأخرى. فالعملة الموحدة تحرم الدول الأعضاء من تبني سياسات اقتصادية تعالج أوضاعها المحلية بسبب الشروط المفروضة مثل عدم رفع الدين العام أو العجز. حقيقة القول لكل دولة ظروفها وتحدياتها الاقتصادية.
على سبيل المثال تعاني البحرين من أزمة بطالة. من جانبها تعاني قطر من مشكلة تضخم. كما علينا أن نتعظ من تجربة اليورو. فقد ارتفعت قيمته بنحو الثلث في غضون أربع سنوات. في الوقت الحاضر بمقدور يورو واحد شراء دولار واحد و27 سنتا. أما عند بداية طرح العملة كان بمقدور اليورو شراء أقل من 85 سنتا من العملة الأميريكية. تكمن مشكلة ارتفاع قيمة اليورو بإلحاق أضرار بصادرات دول منطقة اليورو وبالتالي الدورة الاقتصادية، وعليه فرض إيجاد وظائف للمواطنين. من جهة أخرى, ليس بمقدور دول منطقة اليورو تبني سياسات اقتصادية أحادية لمعالجة مشكلاتها الاقتصادية مثل: البطالة بسبب شروط الانضمام للعملة الموحدة.
حقيقة نخشى أن يؤدي تنفيذ المشروع الطموح إلى حدوث نتائج لا تحمد عقباها. فرسالتنا إلى الأمانة العامة وفي مقدمتهم الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية (في التأني السلامة وفي العجالة الندامة).
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1630 - الأربعاء 21 فبراير 2007م الموافق 03 صفر 1428هـ