ننصح الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية بتركيز جهوده على تطبيق مشروع السوق المشتركة بين الدول الست بدل الحديث عن الاتحاد النقدي. وكنا قد بدأنا يوم أمس (الثلثاء) نقاشا عن تأكيد العطية عدم إجراء أي تغيير في موعد تطبيق الاتحاد النقدي في مطلع العام 2010. بدورنا، نرى صعوبة تنفيذ الاتحاد النقدي وإصدار العملة الموحدة في الموعد المحدد لعدة أسباب منها بطء تنفيذ مشروع السوق المشتركة.
يرتكز مفهوم السوق المشتركة على منح وسائل الإنتاج مطلق الحرية في التنقل بين الدول الأعضاء. بحسب الخطة المرسومة، المطلوب إقامة سوق خليجية مشتركة مع نهاية العام 2007. بمعنى آخر، إن الدول الأعضاء غير ملزمة بفتح/ بالسماح لوسائل الإنتاج من دون شروط في الوقت الحاضر. ولكن يلاحظ في هذا الصدد أن بعض دول المجلس تقوم بتنفيذ تفاصيل هذا المشروع الطموح قبل غيرها، أي قبل التاريخ المحدد.
خطوات خجولة
بيد أنه أكثر ما يقلق المراقبين هو بطء عملية فتح الأسواق الخليجية لرعايا دول المجلس وخصوصا فيما يتعلق بأمور مثل أسواق المال والعقارات. وكان البيان الختامي لقمة الرياض - التي عقدت في نهاية العام 2006 - قد بارك إضافة أنشطة جديدة يسمح بموجبها لجميع رعايا دول المجلس بممارستها داخل الدول الأعضاء. وهذه الأنشطة هي: خدمات التأمين والتعقيب لدى الدوائر الحكومية والنقل. وتم تنفيذ هذه الخطوات في فترات متفاوتة من العام 2006. وقد شدد البيان الختامي على سرعة استكمال المتطلبات الأخرى للسوق المشتركة حتى يتسنى دخول المشروع حيز التنفيذ بنهاية العام 2007. تضاف الأنشطة الجديدة إلى خطوات أخرى تم اتخاذها في العام 2005 مثل: السماح بفتح مكاتب التوظيف الأهلية، تأجير السيارات ومعظم الأنشطة الثقافية.
أهلا في البحرين
المعروف أن بعض دول المجلس أسرع من غيرها في تطبيق مبدأ السوق المشتركة. حقيقة القول تعد البحرين سباقة في فتح أسواق المال (لا يوجد أي نوع من القيود على تعاملات رعايا دول المجلس في البورصة)، ولكن ليس بمقدور المواطن البحريني التعامل بحرية في أسواق المال في السعودية. كما تمنح البحرين رعايا دول المجلس حرية شراء وبيع العقارات دونما شروط. في المقابل، تفرض سلطنة عُمان شروطا من قبيل عدم القدرة على بيع العقار إلا بعد مضي أربع سنوات من تاريخ الشراء. تسمح البحرين لرعايا دول المجلس المتاجرة في العقارات على رغم كونها أصغر دولة خليجية. تزيد مساحة السعودية (أكبر دولة خليجية) نحو ثلاثة آلاف مرة على مساحة البحرين. كما تزيد مساحة قطر (ثاني أصغر دولة خليجية) نحو 15 مرة على مساحة البحرين.
يبقى أن ما يفسر قيام البحرين بهذه الخطوات قبل غيرها هو تحقيق نوع من ميزة تنافسية بين الدول الست، فالبحرين بحاجة إلى دخول أموال من رعايا دول المجلس حتى يتسنى تنشيط الاقتصاد وبالتالي المساهمة في حل التحديات التي تواجه المملكة من قبيل البطالة. يذكر أنه، لا تفرض إمارة دبي بدورها شروطا تذكر على رعايا دول المجلس.
باختصار المطلوب تطبيق فكرة المواطنة الخليجية التي هي جزء من مشروع السوق المشتركة. فلا مناص من جعل المواطن الخليجي يحس بأن له مطلق الحرية في ممارسة الأنشطة الاقتصادية في كل دول المجلس بلا استثناء. عند ذلك يكون مشروع التكامل الاقتصادي الخليجي قد قدم شيئا ملموسا لرعايا دول المجلس. للحديث صلة يوم غدٍ (الخميس).
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1629 - الثلثاء 20 فبراير 2007م الموافق 02 صفر 1428هـ