لا يمكن لمن يحب بلده أن يرى عددا من الشباب في مقتبل العمر وهم يتوجهون باستمرار للاصطدام مع قوات الأمن لأي سبب كان، إلا أن يعتصر قلبه ألما... ولابد أن نواجه الحقيقة المرّة ونتساءل عن السبب لشعور شباب في مقتبل العمر بالغربة عن بيئتهم السياسية والاجتماعية بحيث يتحركون بالطريقة التي بدأنا نألفها - وللأسف - في الفترة الأخيرة.
المسئولية تقع على الحكومة والمجتمع... إنها على الحكومة أولا، التي حَرَمت شباب البحرين من تنفيذ برامج ترشيدية تم إعدادها بمساعدة الأمم المتحدة (الاستراتيجية الوطنية للشباب) ومساعدة بريطانيا (برلمان الشباب). فهذه البرامج المتوافرة على الورق تعتبر الأفضلَ بالنسبة إلى ما هو مطروح عالميّا، وحكومة البحرين حصلت على الدعم المادي المباشر لتفعيل الاستراتيجية (من البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة)، والبدء ببرلمان الشباب (من بريطانيا)، ولكننا نعرف الآن، وللمرة الألف، أن كلا من هذين البرنامجين لن يجد طريقه للتفعيل؛ لأن هناك بعض السيئين المتنفذين الذين يمنعون ذلك ويعتبرون أية مساعدة نوعية للشباب قد تصل في النهاية إلى الفئات التي يُمارس التمييز (شبه الرسمي) ضدها شهارا وجهارا في بلادنا الصغيرة، التي لا تحتمل كل هذه الأحقاد الجاهلية.
إني أعلم أن الاستراتيجية والبرلمان ليسا حلّين سحريين لمشكلات الشباب، ولكن وددت الإشارة إلى أن الحكومة تتحمل جزءا كبيرا مما يحدث حاليا؛ لأنها تعطل البرامجَ الشبابيةَ في الوقت الذي لا تقول الحقيقة عن النية المبيتة لتعطيل برامج تنموية تهمّ الشباب فقط، لا من سبب حقيقي سوى أن هناك احتمالا لأن يستفيد منها شباب محسوبون على الفئات المجتمعية المغضوب عليها (بصورة شبه رسمية) من قِبل جهاتٍ نافذةٍ تسيطر على القرار الفعلي، الذي يحرك مَكَنَة الحكومة اليومية.
هناك أيضا مسئولية المجتمع، فأين هم علماء الدين الذين أمسكوا الشارع؟ أين هم الذين يحصنون الشباب من الوقوع في المتاهات؟ أين الذين يطرحون أنفسهم أنهم المؤهلون لقيادة وإرشاد المجتمع من كل ما يجري ليليا في الأحياء السكنية؟ لماذا يتركون الأمور تتيه في كل جانب وكأن الأمر لا يعنيهم؟ وهل يكفي أن نلوم الحكومة على بعض الممارسات الخاطئة؛ كي يتخلى الجميع عن دوره في إرشاد الشباب؟
إن مسئولية ترشيد الشباب تقع على الحكومة والمجتمع، والمطلوب من الحكومة أن توقف مراوغتها بشأن تنفيذ استراتيجيات تنموية للشباب، وتُبعِدَ المتنفذين السيئين الذين ينتفعون من زيادة الفجوة بين الدولة وفئات المجتمع... كما أن على الجهات الرسمية ان تقدم الأنموذج الصالح وان تتوقف عن ارسال بيانات «ملغومة» الى الصحافة، وخصوصا ان هناك من الأقلام التي لايهمها تشويه سمعة البحرين وأهلها، وبعضهم على استعداد لنشر الهراء بأسلوب يناسب الفارغين الذين يحنون الى أيام أمن الدولة عندما كانوا يصولون ويجولون كما يشاءون، ويسترزقون من خلال شتم اهل البحرين . رموز المجتمع عليهم ممارسة دورهم بصراحة وشجاعة وان لايتخذوا من أخطاء الحكومة مبررا للوقوع في أخطاء مماثلة.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1629 - الثلثاء 20 فبراير 2007م الموافق 02 صفر 1428هـ