شاهدت الموت أمام عينيها، فحاولت الهروب منه، ولكنّ السؤال هو: إلى أين تتجه؟ عليها أن تقرر بأقصى سرعة، فإما أن تخضع لرغبة الشيطان الذي مثل أمامها في هيئة إنسان، أو أن تنجو بنفسها، فاللحظات تمر بسرعةٍ أيضا، والقاتل «الملعون» لم يتأخر أو يتردد لحظة واحدة في فعلته الشنيعة، وهو يهمُّ شارعا بيديه الملطختين بالدم وكبائر الذنوب بخنقها.
توجهت شابة «سار» إلى نافذة غرفتها، طالبة النجدة من أي أحدٍ يخلصها من ذلك الشيطان، إلا أن الجاني جرّها من جانب النافذة ليمنعها من الصراخ لتوصيل الاستغاثة، ومن ثم يكمل رسمه لطريقه المخزي والمؤدي إلى النار وبِئسَ القرار.
والسؤال: كل ذلك بسبب ماذا؟ بسبب خلافٍ بسيط على أمور منزلية!
ذلك ملخصُ واقعة جريمة ضحية سار التي كشف عنها رئيس نيابة محافظة الشمالية أحمد بوجيري خلال مرافعته الشفوية - التي هيّجت مشاعر وأحاسيس الموجودين وخصوصا أهالي وذوي الضحية الذين أجهشوا بالبكاء - والتي ألقاها بوجيري أمام المحكمة الكبرى الجنائية يوم أمس (الثلثاء) في جلسةٍ قضائية علنية طلب فيها من هيئة المحكمة انزال أقصى العقوبة على المتهم القاتل وهي (الإعدام).
فما أن صوّتت المحكمة الكبرى الجنائية المكونة من رئيسها الشيخ محمد بن علي آل خليفة وعضوية كل من القضاة أحمد يحيى ومحمد الكفراوي ومحمد الرميحي، وبحضور رئيس النيابة العامة أحمد بوجيري وأمانة سر جعفر الجمري باسم المتهم الآسيوي الذي مثل أمام هيئة المحكمة بتهمة القتل مع سبق الإصرار والترصد في جلسة تعتبر الجلسة النهائية المخصصة لتقديم المرافعات قبل النطق بالحكم، حتى وقف رئيس نيابة الشمالية أحمد بوجيري وقدم مرافعة مكتوبة إلى المحكمة شفعها بمرافعةٍ شفوية ذكر فيها وقائع قضية القتل البشعة، إذ أكد أن المتهم القاتل ذهب في صباح يوم الواقعة إلى منزل المجني عليها وقدم لها الفطور، وحدثت في تلك الأثناء خلافات بسيطة بينهما على أمرٍ يتعلق بالمنزل، فقرر المتهم قتل المجني عليها منذ صباح يوم الواقعة، إذ توجه القاتل في تلك الأثناء (الصباح) لأداء عمله في المطبخ لإعداد الطعام، وأخذ فترة زمنية طويلة امتدت لساعات حتى وقت وقوع الجريمة، قضى فيها القاتل التفكير في كيفية ارتكابه جريمة القتل.
وأوضح بوجيري في مرافعته الشفوية أن المتهم كان في حالٍ مستقرة، وأنه كان يفكر في عملية القتل من دون أدنى ارتباك أو تردد، مؤكدا أن تفكيره كان مستقرا حينها وأنه كان واعيا تماما، وأنه قرر ارتكاب الجريمة، إذ كان من المفترض أن ينتهي دوام عمله عند الساعة الخامسة عصرا، إلا أنه انتظر عودة القتيلة عند الساعة العاشرة ليلا، وما أن عادت للمنزل وذهبت لغرفتها، حتى دخل عليها المتهم وهو يكن في قرارة نفسه قتلها، في حين أنها كانت ممسكة بكأس، فهجم عليها المتهم محاولا خنقها بيديه، إلا أنها قاومته وضربته بالكأس الذي كانت تمسك به على جبينه فجُرِح، وما كان منه إلا أن أخذ الكأس وضربها على رأسها به، فانكسر الكأس وأخذ قطعة زجاجية منه (كسار) وغرزها في عنقها فسبب لها جرحٌا عميقا، في حين أنها كانت تقاومه، إلا أنه كان مصرا على قتلها، فتوجهت عدة مرات لنافذة غرفتها طالبة الاستغاثة، إلا أنه كان يجرّها ويرجّعها عن النافذة ليمنعها من إيصال صوتها للخارج، في الوقت الذي كانت تنزف فيه دما من جرح عنقها، فسقطت على الأرض، وهنا أخذ القاتل (الكسار) مرة أخرى ليغرزها في أماكن مختلفة من جسم القتيلة حتى فارقت الأخيرة الحياة.
وأضاف بوجيري في مرافعته أن القاتل وبعد أن انتهى من القيام بجريمته البشعة دخل دورة المياه الموجودة في غرفة المجني عليها وغسل يديه من الدماء، ومن ثم لاذ بالفرار.
وقال رئيس النيابة العامة للمحكمة إن «النيابة العامة استندت إلى الأدلة المرفوعة إليها وإلى اعترافات المتهم التفصيلية بالجريمة، لافتا إلى أنه وبسؤال المتهم عن سبب عدم حمله سكينا لقتل المجني عليها، ردّ بأنه يفضل الخنق ولا يحبذ الدم». إضافة إلى استناد النيابة العامة إلى أقوال الشهود، وإلى التقارير الفنية والطبية المرفوعة للنيابة العامة والمرفقة بالدعوى، وتقرير الطبيب الشرعي الذي أثبت وجود دم المتهم في مكان الواقعة.
وانتهى بوجيري بالقول: «وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون»، «ولكم في القصاص حياةٌ يا أولي الألباب»، طالبا من هيئة المحكمة تطبيق أقصى العقوبات على المتهم المتمثلة في (إعدامه).
من جانبها حجزت المحكمة القضية للنطق بالحكم فيها في الثامن من أبريل/ نيسان المقبل وذلك مع استمرار حبس المتهم.
... و«النيابة» تؤكد طلبها إعدام القاتل
ومن جانبها أصدرت النيابة العامة بيانا قالت فيه، ان المحكمة الكبرى الجنائية قررت حجز القضية المتهم فيها آسيوي بقتل فتاة بحرينية عمدا مع سبق الإصرار والترصد، وذلك للحكم بجلسة 8 أبريل المقبل.
وأضاف البيان «وشهدت الجلسة مرافعة رئيس النيابة العامة أحمد بوجيري، إذ تناول وقائع القضية بما تحمله من خسة ونذالة، كما استعرض الجوانب القانونية لها كافة.
وناشد بوجيري المحكمة بتوقيع عقوبة الإعدام على المتهم حتى تكون عزاء للقلوب الحزينة، وتهدئة للخواطر المضطربة، وتطمينا للنفوس المنزعجة.
وبعد أن خلت المحكمة للمداولة أصدرت قرارها المتقدم.
العدد 1629 - الثلثاء 20 فبراير 2007م الموافق 02 صفر 1428هـ